النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:«مَنِ اسْتَأجَرَ أجِيرًا، فَلْيُعْلِمْهُ أجْرَهُ»(١). ويُعْتَبَرُ العِلْمُ بالرُّؤيَةِ أو بالصِّفَةِ، كالبَيعِ. فإن كان العِوَضُ مَعْلُومًا بالمُشاهَدَةِ دُونَ القَدْرِ، كالصُّبْرَةِ، جاز في أحَدِ الوَجْهَين، كالثَّمَنِ في البَيعِ. والثاني، لا يَجُوزُ؛ لأنَّه قد يَنْفَسِخُ العَقْدُ بعدَ تَلَفِ الصُّبْرَةِ، فلا يَدْرِي بكم يَرْجِعُ، فاشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ قَدْرِه، كعِوَضِ السَّلَمِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْنا، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ، ثم الفَرْقُ بينَهما أنَّ المَنْفَعَةَ هاهُنا أُجْرِيَتْ مُجْرَى الأعْيانِ؛ لأنها مُتَعلِّقةٌ بعَينٍ حاضِرَةٍ، والسَّلَمُ يتَعَلَّقُ بمَعْدُومٍ، فافْتَرَقا. وللشافعيِّ نَحْوُ ما ذَكَرْنا في هذا الفَصْلِ.
فصل: وكُلُّ ما جاز أن يكونَ ثَمَنًا في البَيعِ، جاز عِوَضًا في الإِجارَةِ؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، أشْبَهَ البَيعَ.
(١) أخرجه النسائي، في: باب الثالث من الشروط فيه المزارعة والوثائق، من كتاب المزارعة. المجتبى ٧/ ٢٩ بنحوه موقوفًا على أبي سعيد. والبيهقي، في: باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة. . . .، من كتاب الإجارة. سنن البيهقي ٦/ ١٢٠، مرفوعًا. وابن أبي شيبة، في: باب من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٣٠٣، موقوفًا على أبي هريرة وأبي سعيد.