المَساكِينِ، ففَسَّرَتْ ذلك السُّنَّةُ بأَنه مُدٌّ لكُلِّ مِسْكِين. ولأنَّ الإِطْعامَ مُطْلَقٌ في المَوْضِعَين، فما فُسِّرَ به أحَدُهما يُفَسَّرُ به الآخَرُ. وليس له إطْعامُ الأجِيرِ إلَّا ما يُوافِقُه مِن الأغْذِيةِ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا، ولا يُمْكِنُه اسْتِيفاءُ الواجِبِ له منه.
فصل: فإن شَرَط الأجِيرُ كُسْوَةً ونَفَقَةً مَعْلُومة مَوْصُوفَةً، كصِفَتِها في السَّلَمِ، جاز عندَ الجميعِ، وإن لم يَشْرُطْ طَعامًا ولا كُسْوَةً، فنَفَقَتُه وكُسْوَتُه على نَفْسِه، وكذلك الظِّئرُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا أعْلَمُ عن أحَدٍ خِلافًا فيما ذَكَرْتُ. وإن شَرَط للأجِيرِ طَعامَ غيرِه وكُسْوَتَه مَوْصُوفًا، جاز؛ لأنَّه مَعْلُومٌ، فهو كما لو شَرَط دَراهِمَ مَعْلُومَةً، ويَكُونُ ذلك للأجِيرِ، إن شاء أطْعَمَه، وإن شاء تَرَكَه. وإن لم يَكُنْ مَوْصُوفًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّ ذلك مَجْهُولٌ، احْتَمَلَ فيما إذا شَرَطَه للأجِيرِ للحاجةِ إليه وجَرْيِ العادَةِ به، فلا يَلْزَمُ احْتِمالُها مع عَدَمِ ذلك. ولو اسْتَأجَرَ دابَّةً بعَلَفِها، أو بأجْرٍ مُسَمَّى وعَلَفِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ، ولا عُرْفَ له يَرْجِعُ إليه، ولا نَعْلَمُ أحدًا قال بجَوازِه، إلَّا أن يَشْتَرِطَه مَوْصُوفًا، فيَجُوزُ.
فصل: فإنِ اسْتَغْنَى الأجِيرُ عن طَعامِ المُسْتَأجِرِ بطَعامِ نَفْسِه أو غيرِه، أو عَجَز عن الأكْلِ لمَرَضٍ أو غيرِه، لم تَسْقُطْ نَفَقتُه، وكان له المُطالبَةُ بها؛ لأنَّها عِوَضٌ، فلا تَسْقُطُ بالغِنَى عنه، كالدَّراهِمِ. وإنِ