فصلٌ في تطهيرِ النَّجاسَةِ على الأرضِ: متى تَنَجَّسَتِ الأرضُ بنَجاسَةٍ مائِعَةٍ، أي نَجاسَةٍ كانت؛ كالبَوْلِ والخَمرِ ونَحوهما، فطُهُورُها أن يَغْمُرَها بالماءِ، بحيث يَذْهبُ لَوْنُ النَّجاسَةِ ورِيحُها، فإن لم يَذْهبا، لم تَطْهُرْ؛ لأنَّ بَقاءَهما دَلِيلُ بَقاءِ النَّجاسَةِ. فإن كانت مِمّا لا يزولُ لَوْنُها أو رائِحَتُها إلَّا بمَشَقَّةٍ، سَقَط ذلك كما قُلْنا في الثَّوْبِ. والدَّلِيلُ على أنَّ الأرضَ تَطْهُرُ بذلك، ما روَى أنسٌ قال: جاء أعرابِي فبال في طائِفةٍ مِن المسجدِ، فزَجَرَه النّاسُ، فنَهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا قَضَى بولَه، أمَر بذَنُوبٍ مِن ماءٍ فأهْرِقَ عليه. متَّفَقٌ عليه (١). ولا نَعلَمُ في ذلك خِلافًا.
فصل: إذا أصابَ الأرضَ ماءُ المَطرَ، أو السيولُ، فغَمَرَها وجَرَى عليها، فهو كما لو صُبَّ عليها؛ لأنَّ تَطْهِيرَ النَّجاسَةِ لا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فيه، فاسْتَوَى ما صَبَّه الآدَمي وغيرُه. قال أحمدُ، في البَوْلِ يكونُ في الأرض فتُمطِرُ عليه السَّماءُ: إذا أصابَه مِن المَطرَ بقَدرِ ما يكونُ ذَنُوبًا، كما أمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُصَبَّ على البَوْلِ، فقد طَهُرَ. وقال المَرُّوذِيُّ: سُئِل أبو عبدِ اللهِ عن ماءِ المَطرَ يَخْتَلِطُ بالبَوْلِ، فقال: ماء المَطرَ عِنْدِي لا يُخالِطُ شيئًا إلَّا طَهَّرَه، إلَّا العَذِرَةَ فَإِنَّها تَنْقَطِعُ. وسُئِلَ عن ماءِ المَطرَ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فلم يَرَ به بأسًا، إلَّا أن يكُونَ بِيلَ فيه بعدَ المَطرَ، وقال: كلُّ