للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا يَجُوزُ اسْتِئْجارُ الفَحْلِ للضِّرابِ. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأي. وخَرَّجَ أبو الخَطَّابِ وَجْهًا في جَوازِه، بِناءً على إجارَةِ الظئرِ للرَّضاعِ؛ لأنَّ الحاجَة تَدْعُو إليه. وهو قولُ الحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ. ولَنا، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن عَسْبِ الفَحْلِ. مُتَّفَق عليه (١). ولأنَّ المَقْصُودَ الماءُ الذي يُخْلقُ منه الوَلَدُ، فيَكُونُ عَقْدُ الإجارَةِ لاسْتِيفاءِ عَين [فلم يَجُزْ] (٢)، كإجارَةِ الغَنَمِ لأخْذِ لَبَنِها، ولأنَّ الماءَ مُحَرَّم لا قِيمَةَ له، فلم يَجُزْ أخْذُ العِوَضِ عنه، كالمَيتَةِ. فأمّا مَن أجازَه، فيَنْبَغِي أن يُوقِعَ العَقْدَ على العَمَكِ، ويُقَدِّرَه بمَرَّةٍ أو مَرَّتَينِ. وقيل: يُقَدِّرُه بالمُدَّةِ. وهو بَعِيدٌ، فإنَّ مَن أرادَ إطْراقَ فَرَسِه (٣) مَرَّةً، فقَدَّره بمُدَّةٍ تَزِيدُ على قَدْرِ الفِعْلِ، لم يُمْكِنِ اسْتِيعابُها به، ورُبَّما لا يَحْصُلُ الفِعْلُ في المُدَّةِ، ويَتَعَذَّرُ ضَبْطُ مِقْدارِ الفِعْلِ، فيَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بالفِعْلِ، إلَّا أن يَكْتَرِيَ فَحْلًا لإطْراق ماشِيَةٍ كَثيرَةٍ، كتَيْسٍ يَتْرُكُه في غَنَمِه، فإنَّه إنَّما يَكْتَرِيه مُدَّةً مَعْلُومَةً. والمَذْهَبُ أنه لا يَجُوزُ إجارَتُه؛ لِما ذَكَرْناه،


(١) أخرجه البخاري، في: باب عسب الفحل، من كتاب الإجارة. صحيح البخاري ٣/ ١٢٣. ولم يخرجه مسلم، انظر: تحفة الأشراف ٦/ ١٨٨. كما أخرجه أبو داود، في: باب في عسب الفحل، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٩. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية عسب الفحل، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي ٥/ ٢٧٤. والنسائي، في: باب بيع ضراب الجمل، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٧٣. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٤.
(٢) في م: «فهو».
(٣) في الأصل: «فسره».