للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا تَجُوزُ إجارَةُ المُسْلِمِ للذِّمِّيِّ لخِدْمَتِه. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ، فقال: إن أجَرَ نَفْسَه مِن الذِّمِّيِّ في خِدْمَتِه لم يَجُزْ، وإن كان في عَمَل شيءٍ جاز. وهذا أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: تَجُوزُ، لأَنه يَجُوزُ له إجارَةُ نَفْسِه في غيرِ الخِدْمَةِ، فجاز فيها، كإجارَته مِن المُسْلِمِ. ولَنا، أَنه عَقْد يَتَضَمَّنُ حَبْسَ المُسْلِمِ عندَ الكافِرِ وإذْلاله له واسْتِخْدامَه، أشبَهَ البَيعَ، يُحَقِّقُه أنَّ عَقْدَ الإجارَةِ للخِدْمَةِ يَتَعَيَّنُ فيه حَبْسُه مُدَّةَ الإجارَةِ واسْتِخدامُه، والبَيعُ لا يَتَعَيَّنُ فيه ذلك، فإذا مُنِعَ منه، فالمَنْعُ مِن الإجارَةِ أوْلَى. فأمّا إن أجَرَ نفْسَه منه في عَمَل مُعَيَّن في الذِّمَّةِ، كخِياطَةِ ثَوْبٍ، جاز بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ عَلِيًّا، رَضِيَ الله عنه، أجَرَ نَفْسَه مِن يَهُودِيٍّ يَسْتَقِي له كلَّ دَلْوٍ بتَمْرةٍ، وأخْبَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فلم يُنْكِرْه، وكذلك الأنْصاري (١). ولأنه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ لا يَتَضَمَّنُ إذْلال المُسْلِمِ ولا استِخْدامَه، فأشْبَهَ مُبايَعَتَه. وإن أجَرَ نَفْسَه منه [لعمل غيرِ] (٢) الخِدْمةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، جاز أيضًا، في ظاهِرِ


(١) تقدم تخريجهما في صفحة ٣٠١.
(٢) في م: «لغير».