وابنِ سِيرِينَ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ، وأبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، والنَّخَعِيِّ، والشَّعْبيِّ، والثَّوْريِّ، والشافعيِّ، وأصحاب الرأي. وذَكَر القاضي فيه رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَجُوزُ؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن رِبْح ما لم يُضْمَنْ (١). والمَنافِعُ لم تَدْخُلْ في ضَمانِه، ولأنَّه عَقَدَ على ما لم يَدْخُلْ في ضَمانِه، فلم يَجُزْ، كبَيعِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ قبل قَبْضِه. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ قَبْضَ العَينِ قامَ مَقامَ قَبْضِ المَنافِعِ، بدَلِيلِ أنّه يجوزُ التَّصَرُّفُ فيها، فجاز العَقْدُ عليها، كبَيعِ الثَّمَرَةِ على الشّجَرةِ، وبهذا الأصْلِ يَبْطُلُ قياسُ الرِّوايةِ الأخْرَى. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا تَجُوزُ إجارَتُه إلَّا لمَن يَقُومُ مَقامَه، أو دُونَه في الضَّرَرِ؛ لأن هذه المَنْفَعَةَ صارَتْ مَمْلُوكَةً له، فله أن يَستوْفِيَها بنَفْسِه وبنائِبهِ. والمُسْتأجَرَةُ لا تَجُوزُ إجارَتُها لمَن هو أكثرُ ضَرَرًا منه، ولا لمَن يُخالِفُ ضَرَرُه ضَرَرَه؛ لِما نَذْكُرُه.