للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تجوزُ أكثر مِن سَنَةٍ. واختارَه. ومنهم مَن قال: إلى ثَلاثينَ سنةً، [لأنَّ الغالِبَ أنَّ الأعْيانَ لا تَبْقَى أكثر منها وتَتَغَيّرُ الأسْعارُ والأجْرُ] (١). ولَنا، قولُه تعالى إخْبارًا عن شُعَيب، - عليه السلام -، أنَّه قال: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (٢). وشَرعُ مَن قَبْلَنا شَرْع لَنا ما لم يَقُمْ على نَسْخِه دَلِيل. ولأن ما جاز العَقْدُ عليه سَنَة، جازَ أكثر منها، كالبَيعِ، والنِّكاحِ، والمُساقاةِ، والتَّقْدِيرُ بسَنةٍ وثَلاثينَ تَحَكُّمٌ لا دَليلَ عليه، وليس هو بأوْلَى مِن التَّقْدِيرِ بزِيادَةٍ عليه أو نُقْصانٍ منه.

فصل: وإذا اسْتَأجَره سِنِينَ، لم يَحْتَج إلى تَقْسِيطِ الأجْرِ على كلِّ سَنَةٍ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ، كما لو اسْتَأجَرَ سَنَة لم يَحْتَجْ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كلِّ شَهْر بالاتِّفاقِ، وكذلك لا يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كل يوم إذا اسْتَأجَرَ شَهْرًا، ولأن المَنْفَعَةَ كالأعْيانِ في البَيعِ، ولو اشْتَمَلَتِ الصَّفْقَةُ على أعْيانٍ، لم يَلْزَمْه تَقْدِيرُ ثَمَنِ كلِّ عَين، كذلك ها هنا. وقال الشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه: يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ أجْرِ كلِّ سَنَةٍ؛ لأنَّ المنافِعَ تَخْتَلِفُ باخْتِلافِ السِّنينَ، فلا يَأمَنُ أن يَنْفَسِخَ العَقْدُ فلا يَعْلَمُ بم يَرْجِعُ، وهذا يبطُلُ بالشهُورِ، فإنه لا يَفْتَقِرُ إلى تَقْسِيطِ الأجْرِ على كل شَهْر مع الاحْتِمالِ الذي ذَكَرُوه.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سورة القصص ٢٧.