للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبي حنيفةَ، والشافعيِّ؛ لأنَّ الجَمْعَ بينهما يَزِيدُ الإِجارَةَ غَرَرًا لا حاجَةَ إليه؛ لأنَّه قد يَفْرَغُ مِنَ العَمَلِ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، فإنِ اسْتُعْمِلَ في بَقِيَّةِ المُدَّةِ، فقد زادَ على ما وَقَع عليه العَقْدُ، وإن لم يَعْمَلْ، كان تاركًا للعَمَلِ في بعضِ المُدَّةِ، فهذا غَرَرٌ قد أمْكَنَ التَّحرُّزُ منه، ولم يُوجَدْ مِثلُه في محَلِّ الوفاقِ، فلم يَجُزِ العَقْدُ معه. ورُوِيَ عن أحمدَ في مَن اكْتَرَى دابَّةً إلى مَوْضِعٍ على أن يَدْخُلَه في ثلاثٍ، فدَخَلَه في سِتٍّ، قال: قد أضَرَّ به. فقِيلَ: يَرْجِعُ عليه بالقِيمَةِ؟ قال: لا، يُصالِحُه (١). وهذا يَدُلُّ على جَوازِ تَقْدِيرِهما جَمِيعًا، وهو قولُ أبي يُوسُفَ، ومحمدٍ؛ لأنَّ الإِجارَةَ مَعْقُودةٌ على العَمَلِ (٢)، والمُدَّةُ إنَّما ذُكِرَتْ للتَّعْجِيلِ، فلا تَمْنَعُ ذلك. فعلى هذا، إذا أتمَّ العَملَ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، لم يَلْزَمْه العَمَلُ في بَقِيَّتِها؛ لأنَّه وَفَّى ما عليه قبل مُدَّتِه، فلم يَلْزَمْه شيءٌ آخَرُ، كما لو قَضَى الدَّينَ قبلَ أجَلِه، وإن مَضَتِ المُدَّةُ قبلَ العَمَلِ (٣)، فلِلمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِجارَةِ؛ لأنَّ الأجِيرَ لم يَفِ له بشَرْطِه، فإن رَضِيَ بالبَقاءِ عليه لم يَمْلِكِ الأجِيرُ الفَسْخَ؛


(١) في م: «ويصالحه».
(٢) في الأصل: «أن العمل يفي».
(٣) سقط من: الأصل. وفي تش: «أجله».