للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مثلَه بالمَدِينةِ، فحاكَ في نَفْسِي منه شيءٌ، فذَكَرْتُه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «إنْ كَانَ ذَاكَ الطَّعامُ طَعَامَهُ وطَعامَ أهْلِه فَكُلْ مِنْهُ، وإن كان يُتْحِفُكَ به فَلَا تَأْكُلْهُ» (١). وعن عبدِ الرحمنِ بنِ شِبْلٍ الأنْصارِيِّ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «اقْرَأُوا القُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فيه، ولا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ» (٢). روَى هذه الأحادِيثَ كُلَّها الأثْرَمُ في «سُنَنِه». ولأنَّ مِن شَرْطِ صِحَّةِ هذه الأفْعالِ كَوْنَها قُرْبةً إلى اللهِ تعالى، فلم يَجُزْ أخْذُ الأجْرِ عليها، كما لو اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ خَلْفَه الجُمُعَةَ أو التَّراويحَ. فأمَّا الأخْذُ على الرُّقْيَةِ، فإنَّ أحمدَ اخْتارَ جَوازَه، وقال: لا بَأْسَ. وذَكَرَ حَدِيثَ أبي سعيدٍ. والفَرْقُ بينه وبينَ ما اخْتُلِفَ فيه، أنَّ الرُّقْيَةَ نَوْعُ مُداواةٍ؛ والمَأْخُوذُ عليها جُعْلٌ، والمُداواةُ يُباحُ أخْذُ الأجْرِ عليها، والجَعالةُ أوْسَعُ مِنَ الإِجارَةِ، ولهذا تجوزُ مع جَهالةِ العَمَلِ والمُدَّةِ. وقولُه - عليه السلام -: «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ». يَعْنِي به الجُعْلَ أيضًا في الرُّقْيَةِ؛ لأنَّه ذَكَر ذلك في سِياقِ خَبَرِ الرُّقْيَةِ. وأمَّا جَعْلُ تَعْلِيمِ القُرْآنِ صَداقًا، فعنه فيه اخْتِلافٌ، وليس في الخَبَرِ تَصْرِيحٌ


(١) لم نجده.
(٢) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٢٨، ٤٤٤. وقال الحافظ: سنده قوي. الفتح ٩/ ١٠١.