للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِن أحَدٍ شيئًا، إن أتاهُ شيءٌ قَبِلَه. كأنَّه يَراه أهْوَنَ. وكَرِهَهُ طائِفَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ؛ لِما تَقَدَّمَ مِن حَدِيثِ القَوْسِ والخَمِيصَةِ التي أُعْطِيَهما (١) أُبَيٌّ وعُبادَةُ مِن غيرِ شَرْطٍ. ولأنَّ ذلك قُرْبةٌ، فلم يَجُزْ أخْذُ العِوَضِ عنه بِشَرْطٍ ولا بغيرِه، كالصَّلاةِ والصِّيامِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أتَاكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيرِ مسألةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَخُذْهُ وتَمَوَّلْهُ، فَإنَّه رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيكَ» (٢). وقد أرْخَصَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَيٍّ (٣) في أكْلِ طَعامِ الذي كان يُعَلِّمُه إذا كان طَعامَه وطَعامَ أهْلِه. ولأنَّه إذا كان بغيرِ شَرْطٍ كان هِبَةً مُجَرَّدَةً، فجازَ، كما لو لم يُعَلِّمْه شيئًا. فأمَّا حَدِيثُ القَوْسِ والخَمِيصَةِ فقَضِيَّتان في عَينٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ أنَّهما فَعَلا ذلك خالِصًا، فكَرِهَ أخْذَ العِوَضِ عنه مِن غيرِ اللهِ تعالى، ويَحْتَمِلُ غيرَ ذلك. فأمَّا إن أُعْطِيَ المُعَلِّمُ أجْرًا على تَعْلِيمِ الخَطِّ وحِفْظِه، جازَ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: إن كان المُعْطِي يَنْوي أنَّه يُعْطِيه لحِفْظِ الصَّبِيِّ وتَعْلِيمِه، فأرْجُو إذا كان كذا. ولأنَّ هذا ممَّا يجوزُ أخْذُ الأجْرِ


(١) في م: «أعطيها».
(٢) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٩٢، ٣٢٣، ٤٩٠، ٤/ ٢٢١، ٥/ ٦٥، ٦/ ٧٧، ٢٥٩، ٣٦٧.
(٣) سقط من: م.