فصل: وإنِ اكْتَرَى ظَهْرًا لِيَرْكَبَه، فله أن يُرْكِبَه مِثْلَه ومَن هو أخَفُّ منه، ولا يُرْكِبُه مَن هو أثْقَلُ منه؛ لأنَّ العَقْدَ اقْتَضَى اسْتِيفاءَ مَنْفَعَةٍ مُقَدَّرةٍ بذلك الرّاكِبِ، فكان له أن يَسْتَوْفِيَ ذلك بنَفْسِه ونائِبِه، وله اسْتِيفاءُ أقَلَّ منه؛ لأنَّه بعضُ حَقِّه، وليس له اسْتِيفاءُ أكْثَرَ منه؛ لأنَّه أكْثَرُ ممّا عَقَدَ عليه. ولا يُشْتَرَطُ التَّساوي في الطُّولِ والقِصَرِ، ولا المَعْرِفةِ بالرُّكُوبِ. وقال القاضي: يُشْتَرطُ أن يكونَ مِثْلَه في هذه الأوْصافِ كلِّها؛ لأنَّ قِلَّةَ المَعْرِفةِ بالرُّكُوبِ يُثْقِلُ على المَرْكُوبِ ويَضُرُّ به. قال الشاعر:
ولَنا، أنَّ التَّفاوُتَ في هذه الأُمُورِ مع التَّساويِ في الثِّقَلِ يَسِيرٌ، فَعُفِيَ عنه، ولهذا لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُه في الإِجارَةِ، ولو اعْتُبِرَ ذلك لاشْتُرِطَتْ مَعْرِفَتُه في الإِجارَةِ، كالثِّقَلِ والخِفَّةِ.
فصل: فإن شَرَط أن لا يَسْتَوْفِيَ المَنْفَعَةَ بمِثْلِه ولا بمَن دُونَه، فقِياسُ قولِ أصحابِنا صِحَّةُ العَقْدِ وبُطْلانُ الشَّرْطِ، فإنَّهم قالُوا في مَن شَرَط أن يَزْرَعَ في الأرْضِ حِنْطَةً ولا يَزْرَعَ غيرَها: يَبْطُلُ الشَّرْطُ ويَصِحُّ العَقْدُ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ الشَّرْطُ. وهو أحَدُ الوَجْهَين للشّافِعيَّةِ؛ لأنَّ