للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دابَّةً لِيَحْمِلَ عليها حَدِيدًا، لم يَحْمِلْ عليها قُطْنًا؛ لأنَّه يتَجافَى، وتَهُبُّ فيه الرِّيحُ، فيُتْعِبُ الظَّهْرَ. وإن اكْتَرَاها لِحَمْلِ القُطْنِ، فليس له حَمْلُ الحَدِيدِ؛ لأنَّه يَجْتَمِعُ في مَوْضِعٍ واحدٍ، فيَثْقُلُ عليه، والقُطْنُ يتَفَرَّقُ فيَقِلُّ (١) ضَرَرُه. ومتى فَعَل ما ليس له فِعْلُه كان ضامِنًا، وعليه أجْرُ المِثْلِ. وهذا كلُّه مَذْهَبُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ.

فصل: وإنِ اكْتَرَى دابَّةً لِيَرْكَبَها في مَسافَةٍ مُعَيَّنةٍ مَعْلُومَةٍ، أو يَحْمِلَ عليها فيها، فأراد العُدُولَ بها (٢) إلى ناحيةٍ أُخرى مِثْلِها في القَدْرِ، وهي أضَرُّ منها، أو يُخالِفُ ضَرَرُها ضَرَرَها، بأن تكونَ إحْداهما أخْوَفَ والأُخْرَى أخْشَنَ، لم يَجُزْ، وإن كانت مِثْلَها في السُّهُولَةِ والحُزُونَةِ والأمْنِ، أو التي يَعْدِلُ إليها أقَلَّ ضَرَرًا، فذَكَرَ القاضِي أنَّه يَجوزُ. وهو قولُ أصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّ المَسافَةَ عُيِّنَتْ لِيَسْتَوْفِيَ بها المَنْفَعَةَ، ويَعْلَمَ قَدْرَها بها، فلم تَتَعَيَّنْ، كَنَوْعِ المَحْمُولِ والرّاكِبِ. قال شيخُنا (٣): ويَقْوَى عِنْدِي، أنَّه متى كان لِلْمُكْرِي (٤) غَرَضٌ في تلك الجِهَةِ المُعَيَّنَةِ، لم يَجُزِ العُدُولُ إلى غيرِها، مثلَ مَن يُكْرِى جِماله إلى مَكَّةَ لِيَحُجَّ معها، فلا يجوزُ له أن يَذْهَبَ بها إلى غيرِها. ولو أكْراها إلى بَغْدادَ، لكَوْنِ أهْلِه بها أو بِبَلَدِ العِراقِ، فليس له الذَّهابُ بها (٥) إلى مِصْرَ، ولو أكْرَى جِماله


(١) في النسخ: «فيكثر». وما أثبتناه موافق للسياق، وانظر المغني ٨/ ٥٧.
(٢) في الأصل: «عنها».
(٣) في: المغني ٨/ ٥٨.
(٤) في م: «للمكتري».
(٥) سقط من: م.