للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الغَصْبِ، إن شاء اللهُ تعالى. وحَكَى القاضي، أنَّ قولَ أبي بكرٍ فيما إذا اكْتَرَى لحُمُولَةِ شيءٍ فزادَ عليه، وُجُوبُ أجْرِ المِثْلِ [في الجَمِيع] (١)، [أخْذًا مِن قولِه في مَن اسْتَأْجَرَ أرْضًا لِيَزْرَعَها شَعِيرًا، فزَرَعَها حِنْطَةً، أنَّ عليه أجْرَ المِثْلِ للجَمِيعِ] (٢)؛ لأنَّه عَدَل عن المَعْقُودِ عليه إلى غيرِه، فأشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا فَزَرَع أُخْرَى. فجَمَعَ القاضي بينَ مَسْألَةِ الخِرَقِيِّ ومَسْألَةِ أبي بكرٍ، وقال: يُنْقَلُ قولُ كلِّ واحدٍ مِن إحْدَى المسْألَتَين إلى الأُخْرَى؛ لِتَساويهِما في أنَّ الزِّيادَةَ لا تَتَمَيَّزُ، فيكونُ في المَسْألَتَين وَجْهانِ. وليس الأمْرُ كذلك، فإنَّ بينَ المَسْألَتَين فَرْقًا ظاهِرًا، فإنَّ الذي حَصَل التَّعَدِّي فيه في الحَمْلِ مُتَمَيِّزٌ عن المَعْقُودِ عليه، وهو القَفِيزُ الزائِدُ، بخِلافِ الزَّرْعِ، ولأنَّه في مسألةِ الحَمْلِ اسْتَوْفَى المَنْفَعَةَ المَعْقُودَ عليها وزادَ، وفي الزَّرْعِ لم يَزْرَعْ ما وَقَع العَقْدُ عليه، ولهذا عَلَّلَه أبو بكرٍ بأنَّه عَدَل عن المَعْقُودِ عليه، ولا يَصِحُّ هذا القَوْلُ في مَسْألةِ الحَمْلِ، فإنَّه قد حَمَل المَعْقُودَ عليه وزادَ عليه، بل إلحاقُ هذه المسْألةِ بما إذا اكْتَرَى إلى مَسافَةٍ فزادَ عليها أشَدُّ، وشَبَهُها بها أشَدُّ؛ لأنَّه في مَسْألَةِ الحَمْلِ مُتَعَدٍّ بالزِّيادَةِ وَحْدَها، وفي مَسْألةِ الزَّرْعِ مُتَعَدٍّ بالزَّرْعِ كلِّه، فأشْبَهَ الغاصِبَ.


(١) في م، تش: «للجميع».
(٢) سقط من: الأصل.