للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وزِيادةً. والثاني، إذا اسْتَأْجَرَ أرْضًا فَزَرَع غيرَها؛ لأنَّه زَرَع مُتَعَدِّيًا، فلهذا خَيَّرَه بينَهما، ولأنَّه وُجِدَ سَبَبٌ يَقْتَضِي كلَّ واحدٍ مِن الحُكْمَين، وتَعَذَّرَ الجَمْعُ بينَهما، فكان له أوْفَرُهُما. وفَوَّضَ اخْتِيارَه إلى المُسْتَحِقِّ، كقَتْلِ العَمْدِ. والأَوْلَى، إن شاء اللهُ تعالى، قولُ أبي بكرٍ، فإنَّ هذا مُتَعَدٍّ بالزَّرْعِ كلِّه، فكان عليه أجْرُ المِثْلِ، كالغاصِبِ، ولهذا مَلَك رَبُّ الأرْضِ مَنْعَه مِن زَرْعِه، ويَمْلِكُ [أخْذَه بنَفَقَتِه] (١) إذا زَرَعَه. ويُفارِقُ مَن زادَ على حَقِّه زِيادَةً مُتَمَيِّزَةً، في كَوْنِه لم يَتَعَدَّ بالْجَمِيعِ، إنَّما تَعَدَّى بالزِّيادَةِ فقط، ولهذا لا يَمْلِكُ المُكْرِي مَنْعَه مِن الجَمِيعِ. ونَظِيرُ هاتَين المسْألتَين، مَن اكْترَى (٢) غُرْفةً لِيَجْعَلَ فيها أقفِزَةَ حِنْطةٍ، فجَعَلَ أكْثَرَ منها، ومَنِ اكْتَراها ليَجْعَلَ فيها قِنطارَ قُطْنٍ، فجَعَلَ فيها قِنْطارَ حَدِيدٍ، ففي الأُولَى، له المُسَمَّى وأجْرُ الزِّيادَةِ، وفي الثّانيةِ، يُخَرَّجُ فيها مِن الخِلافِ كقَوْلِنا في مسألةِ الزَّرْعِ. وحُكْمُ المُسْتَأْجِرِ الذي يَزْرَعُ أضَرَّ مِمّا اكْتَرَى له حُكْمُ الغاصِبِ، لِرَبِّ الأرْضِ مَنْعُه في الابْتِداءِ؛ لِما يَلْحَقُه مِن الضَّرَرِ، فإن زَرَع، فرَبُّ الأرْضِ مُخيَّرٌ بين تَركِ الزَّرْعِ بالأجْرِ (٣) وبينَ أخْذِه ودَفْعِ النَّفَقَةِ، وإن لم يَعْلَمْ حتى أخَذَ المُسْتَأْجِرُ زَرْعَه، فله الأجْرُ، على ما نَذْكُرُ في الغَصْبِ.


(١) في الأصل: «أخذ بقيته».
(٢) في الأصل، ر، ق: «أكرى».
(٣) في الأصل: «بالأرض».