للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، أو كان الوارِثُ (١) غائِبًا، كمَن يَمُوتُ في طَرِيقِ مَكَّةَ ويَتْرُكُ جَمَلَه الذي اكْتَراه، وليس له عليه شيءٌ يَحْمِلُه (٢)، فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ أنَّ الإِجارَةَ تَنْفَسِخُ فيما بَقِيَ مِن المُدَّةِ؛ لأنَّه قد جاءَ أمْرٌ غالِبٌ يَمْنَعُ المُسْتَأْجِرَ مَنْفَعَةَ العَينِ، فأشْبَهَتْ ما لو غُصِبَتْ، ولأنَّ بَقاءَ العَقْدِ ضَرَرٌ في حَقِّ المُكْتَرِي والمُكْرِي؛ لأنَّ المُكْتَرِيَ يَجِبُ عليه الكِراءُ مِن غيرِ نَفْعٍ، والمُكْرِيَ يَمْتَنِعُ عليه التَّصَرُّفُ في مالِه، مع ظُهُورِ امْتِناعِ الكِراءِ عليه. وقد نُقِلَ عن أحمدَ، في رَجُل اكْتَرَى بَعِيرًا، فمات المُكْتَرِي في بعضِ الطَّرِيقِ، فإن رَجَع البَعِيرُ خالِيًا، فعليه بقَدْرِ ما وَجَب له، وإن كان عليه ثِقْلُه وَوطاؤُه، فله الكِراءُ إلى المَوْضِعِ. وظاهِرُ هذا أنَّه حَكَم بِفَسْخِ العَقْدِ فيما بَقِيَ مِن المُدَّةِ، إذا مات المُسْتَأْجِرُ ولم يَبْقَ له به انْتِفاعٌ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَنْفَعَةِ بأمْرٍ مِن اللهِ تعالى، فأشبَهَ ما لو اكْتَرَى مَن يَقْلَع له ضِرْسَه، فبَرَأ، أو انْقَلَعَ قبلَ قَلْعِه، أو اكْتَرَى كَحّالًا لِيَكْحَلَ عَينه فَبَرَأَتْ، أو ذَهَبَتْ. ويَجِبُ أن يُقَدِّرَ أنَّه لم يَكُنْ ثَمَّ مِن وَرَثَتِه مَن يَقُومُ مَقامَه في الانْتِفاعِ؛ لأنَّ الوارِثَ يَقُومُ مَقامَ المَورُوثِ. وتَأوَّلَها القاضِي على أنَّ المُكْرِيَ قَبَض البَعِيرَ ومَنَع الوَرَثَةَ الانْتِفاعَ، ولولا ذلك لَما انْفَسخَ العَقْدُ؛ لأنَّه لا يَنْفَسِخُ بعُذْرٍ في المُسْتَأْجِرِ مع سَلامةِ المَعْقُودِ عليه، كما لو حُبِسَ مُسْتَأْجِرُ الدّارِ ومُنِع سُكْنَاها. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّه


(١) سقط من: م.
(٢) بعده في م: «ولا وارث له حاضر يقوم مقامه».