قَبَض الأجْرَ، لم يَرْجِعْ على أخِيه بشيء منه، ولا على تَرِكَةِ أبِيه، ويكونُ ما خَلَفَه أبُوه بينهما نِصْفَينِ؛ لأنَّه لو رَجَع بشيءٍ أفْضَى إلى أن يكونَ قد وَرِثَ النِّصْفَ بمَنْفَعَتِه، وَوَرِثَ أخُوه نِصْفًا مَسْلُوبَ المَنْفَعَةِ، واللهُ سُبْحانَه قد سَوَّى بينَهُما في المِيراثِ. ولأنَّه لو رَجَع بنِصْفِ أجْرِ النِّصْفِ الذي انْتَقَضتِ الإِجارَةُ فيه، لوَجَبَ أن يَرْجِعَ أخُوه بنِصْفِ المَنْفَعَةِ التي بَطَلَتِ الإِجارَةُ فيها، إذ لا يُمْكِنُ أن يُجْمَعَ له بينَ المَنْفَعَةِ وأخْذِ عِوَضِها مِن غيرِه.
فصل: فإنِ اشْتَرَى المُسْتَأْجِرُ العَينَ، فوَجَدَها مَعِيبةً، فرَدَّها، فإن قُلْنا: لا تَنْفَسِخُ الإِجارَةُ بالبَيعِ. فهي باقيةٌ بعدَ رَدِّ العَينِ كما كانتْ قبلَ البَيعِ. وإن قُلْنا: قد انْفَسَخَتْ. فالحُكْمُ فيها كما لو انْفَسَخَتْ بتَلَفِ العَينِ. فإن كان المُشْتَرَى أجْنَبيًّا، فرَدَّ المُسْتَأْجِرُ الإِجارَةَ لِعَيبٍ، فيَنْبَغِي أن تَعُودَ المَنْفَعَةُ إلى البائِعِ؛ لأَنَّه يَسْتَحِقُّ عِوَضَها على المُسْتَأجِرِ، وإذا سَقَط العِوَضُ، عاد إليه المُعَوَّضُ. ولأنَّ المُشْتَرِيَ مَلَك العَينَ مَسْلُوبةَ المَنْفَعةِ مُدَّةَ الإجارَةِ، فلا يَرْجِعُ إليه، ما لم يَمْلِكْهُ. وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: يَرْجِعُ إلى المُشْتَرِي؛ لأنَّ المَنْفَعَةَ تابِعَةٌ للرَّقَبةِ، وإنَّما اسْتُحِقَّتْ بعَقْدِ الإِجارَةِ، فإذا زالتْ، عادَتْ إليه، كما لو اشْتَرَى أمَةً مُزَوَّجةً فطَلَّقَها