والحَكَمَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، وأحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: لا يَضْمَنُ ما لم يَتَعَدَّ. قال الرَّبِيعُ: هذا مَذْهَبُ الشافعيِّ، وإن لم يَبُحْ به. رُوِيَ ذلك عن عَطاءٍ، وطَاوُسٍ، وزُفَرَ؛ لأنَّها عَين مَقْبُوضةٌ بعَقْدِ الإجارَةِ، فلم تَصِرْ مَضْمُونةً، كالعَينِ المُسْتَأجَرَةِ. ولَنا، ما روَى جَعْفَرُ بنُ محمدٍ، عن أبيه، عن عَلِيٍّ، أنَّه كان يُضَمِّنُ الصّبّاغَ والصَّوّاغَ، وقال: لا يَصْلُحُ الناسُ إلَّا على ذلك (١). ورَوَى الشافعيُّ بإسْنادِه عن عَلِيٍّ، أنَّه كان يُضَمِّنُ الأُجَراءَ ويَقُولُ: لا يُصْلِحُ النّاسَ إلَّا هذا (١). ولأنَّ عَمَلَ الأجِيرِ المُشْتَرَكِ مَضْمُون عليه، فما تَوَلَّدَ منه يَجِبُ أن يكونَ مَضْمُونًا، كالعُدْوانِ بقَطْعِ عُضْوٍ، بخِلافِ الأجِيرِ الخاصِّ. والدَّلِيلُ على أنَّ عَمَلَه مَضْمُونٌ عليه، أنَّه لا يَسْتَحِقُّ العِوَضَ إلَّا بالعَمَلِ، وأنَّ الثَّوْبَ لو تَلِفَ في حِرْزِه بعدَ عَمَلِه، لم يَكُنْ له أجْر فيما عَمِلَ فيه، وكان ذَهَابُ عَمَلِه مِن ضَمانِه، بخِلافِ الخاصِّ، فإنَّه إذا أمْكَنَ المُسْتَأْجِرَ مِن اسْتِعمالِه، اسْتَحَقَّ العِوَضَ بمُضِيِّ المُدَّةِ وإن لم يَعْمَل، وما عَمِلَ فيه مِن شيءٍ فتَلِفَ مِن حِرْزِه، لم يَسْقُطْ أجْرُه بِتَلَفِه.