فصل: فإن أمَرَه أن يَقْطَعَ الثَّوْبَ قَمِيصَ رَجُل، فقَطَعَه قَمِيصَ امرَأةٍ، فعليه غُرمُ ما بينَ قِيمَتِه صَحِيحًا ومَقْطُوعًا؛ لأنَّ هذا قَطْعٌ غيرُ مَأذُونٍ فيه، فأشْبَه ما لو قَطَعَه مِن غيرِ إذْنٍ. وقيل: يَغْرَمُ ما بينَ قَمِيصِ رَجُل وقَميص امرَأةٍ؛ لأنه مَأذُونٌ في قَمِيص في الجُملَةِ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ المَأذُونَ فيه قَمِيص مَوْصُوف بصِفَةٍ، فإذا قَطَع قَمِيصًا غيرَه، لم يَكُنْ فاعِلًا لِما أذِنَ فيه، فكان مُتَعديا بابْتِداءِ القَطْعِ، ولذلك لا يَسْتَحِقُّ على القَطْعِ أجْرًا، ولو فَعَل ما أمِرَ به، لاسْتَحَقَّ أجْرَه.
فصل: إذا دَفَع إلى حائِكٍ غَزْلًا، فقال: انْسِجْه لي عَشَرَةَ أذْرُعٍ في عَرضِ ذِراعٍ. فنَسَجَه زائدًا على ما قَدَّرَ له في الطُّولِ والعرضِ، فلا أجْرَ له في الزِّيادَةِ؛ لأنَّه غيرُ مَأمُورٍ بها، وعليه ضَمانُ (١) نَقْصِ الغَزْلِ المَنْسوجِ فيها. فأمّا ما عَدا الزّائِدَ فيُنْظَرُ فيه؛ فإن كان جاءَهُ زائِدًا في الطّولِ وحدَه، ولم يَنْقُصِ الأصلُ بالزِّيادَةِ، فله ما سَمَّى له مِن الأجْرِ، كما لو اسْتَأجَرَه أن يَضْرِبَ له مائةَ لَبِنَةٍ فضَرَبَ له مائَتَينِ. وإن جاء به زائدًا في العَرضِ وحدَه، أو فيهما، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا أجْرَ له؛ لأنَّه مُخالِفٌ لأمرِ المُسْتَأجِرِ، فلم يَسْتَحِقَّ شيئًا، كما لو اسْتأجَرَه على بِناءِ حائِطٍ