للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُدَّة يمكِنُ رُكُوبُها فيها، فقال أصحابُنا: يَسْتَقِرُّ عليه الأجْرُ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ المَنافعَ تَلِفَتْ تحت يَدِه باخْتِيارِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمان عليه، كما لو تَلِفَتِ العَينُ في يَدِ المُشْتَرِي، وكما لو كانتِ الإجارَةُ على مُدَّةٍ فمَضَتْ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَسْتَقِرُّ الأجْرُ عليه حتى يَسْتَوْفِيَ المَنْفَعةَ؛ لأنَّه عَقْد على مَنْفَعةٍ غيرِ مُؤَقَّتةٍ بزَمَن، فلم يَسْتَقِرَّ بَدَلُها قبلَ اسْتِيفائِها، كالأجْرِ في الأجِيرِ المُشْتَرَكِ. وإن بَذَلَ تَسْلِيمَ العَينِ، فلم يَأخُذْها المُسْتَأجِرُ حتى انْقَضَتِ المُدَّةُ، اسْتَقَرَّ الأجْرُ عليه؛ لأنَّ المنافِعَ تَلِفَتْ باخْتِيارِه في مُدَّةِ الإِجارَةِ، فاسْتَقَرَّ عليه الأجْرُ، كما لو كانت في يَدِه. وإن بَذَلَ تَسْلِيمَ العَينِ، وكانت الإِجارَةُ على عَمَل، فقال أصحابُنا: إذا مضتْ مُدَّة يمكنُ الاسْتِيفاءُ فيها، اسْتَقَرَّ عليه الأجْرُ. وبهذا قال الشافعيُّ؛ لأنَّ المَنافِعَ تَلِفَتْ باخْتِيارِه. وقال أبو حنيفةَ: لا أجْرَ عليه. قال شيخُنا (١): وهو أصَحُّ (٢) عندي، لأنَّه عَقْدٌ على ما في الذِّمَّةِ، فلم يَسْتَقِرَّ عِوَضُه ببَذْلِ التَّسْلِيمِ، كالمُسْلَمِ فيه، ولأنَّه عَقدٌ على مَنْفَعةٍ غيرِ مُؤَقَّتةِ بزَمَن، فلم يَسْتَقِرَّ عِوَضُها بالبَذْلِ، كالصَّداقِ إذا بَذَلَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِها، وامتَنَعَ الزَّوْجُ مِن أخْذِها.


(١) في: المغني ٨/ ٢٠.
(٢) في م: «الصحيح».