يَبْطُلُ في الباقِين؟ على وَجْهَين، بِناءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فإن قُلْنا: لا يَبْطُلُ. فلكلِّ حِزْبٍ الخيارُ لتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ في حَقِّهم، فإن كان يُحْسِن الرَّمْيَ، لكنَّه قَلِيلُ الإِصابَةِ، فقال حِزْبُه: ظَنَنّاه كَثِيرَ الإِصابَةِ. أو: لم نَعْلَمْ حاله. وإن بان كَثِيرَ الإِصابَةِ، فقال الحِزْبُ الآخَرُ: ظَنَنّاه قَلِيلَ الإِصابَةِ. لم يُسْمَعْ ذلك منهم؛ لأنَّ شَرْطَ دُخُولِه في العَقْدِ أن يكونَ مِن أهلِ الصَّنْعَةِ دُونَ الحِذْقِ، كما لو اشْتَرَى عَبْدًا على أنَّه كاتِبٌ، فبان حاذِقًا أو ناقِصًا فيها (١)، لم يُؤثِّرْ (الثانِي، مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرِّشْقِ، وعَدَدِ الإِصابَةِ) الرِّشْقُ، بكَسْرِ الرّاءِ: عَدَدُ الرَّمْي. وأهلُ العَرَبِيَّةِ يَقُولُون: هو عِبارَةٌ عمّا بينَ العِشْرِين والثَّلاثين. والرَّشقُ، بفَتْحِ الرّاءِ: الرَّمْيُ، مَصْدَرُ رَشَقْتُ. رَشْقًا. وإنَّما اشْتُرِطَ عِلْمُه؛ لأنَّه لو كان مَجْهُولًا أفْضَى إلى الاخْتِلافِ، لأنَّ أحَدَهما قد يُرِيدُ القَطْعَ، والآخَرُ الزِّيادَةَ. ولا بُدَّ مِن مَعْرِفَةِ عَدَدِ الإِصابَةِ، فيَقُولان: الرِّشْقُ عِشْرُون، والإصابَةُ خَمْسَةٌ -أو- سِتَّةٌ. أَو ما يَتَّفقان عليه، إلَّا أنَّه لا يَصِحُّ اشْتِراطُ إصابَةٍ تَنْدُرُ، كإصابَةِ جَمِيعِ الرِّشْقِ، أو تِسْعَةٍ مِن عَشَرَةٍ، ونحو هذا؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّه لا يُوجَدُ، فيَفُوتُ الغَرَضُ. وإنَّما اشْتُرِطَ العِلْمُ بعَدَدِ الإِصابَةِ؛ ليَتَبَيَّنَ حِذْقُهما.