الزَّرْعِ؛ لأنَّه بَدَلٌ عن الزَّرْعِ، فيُقدَّرُ بقِيمَتِه، كما لو أَتْلَفَه، ولأنَّ الزَّرْعَ للغاصِبِ إلى حينِ (١) انْتِزاعِه منه، بدَلِيلِ أنَّه لو أَخَذَه قبلَ انْتِزاعِ المالِكِ، كان مِلْكًا له يَأْخُذُه، فيكونُ أَخْذُ المالِكِ له تَمَلُّكًا له، إلَّا أنَّ يُعَوِّضَه، فيَجِبُ أنَّ يكونَ بقِيمَتِه، كما لو أخَذَ الشِّقْصَ المَشْفُوعَ. فعلى هذا، يَجِبُ على الغاصِبِ أَجْرُ الأرْضِ إلى حينِ تَسْلِيمِ الزَّرْعِ؛ لأنَّ الزَّرْعَ كان مَحْكُومًا له به، وقد شَغَل به أَرْضَ غيرِه. والروايةُ الثانيةُ، يَرُدُّ على الغاصِبِ ما أنْفَقَ مِن البَذْرِ ومُؤْنَةِ الزَّرْعِ في الحَرْثِ والسَّقْي وغيرِه. وهذا الذي ذكَره القاضِي. وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِيِّ، وظاهِرُ الحَدِيثِ؛ لقولِه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ:«عَلَيهِ نَفَقَتُهُ». وقِيمةُ الشيءِ لا تُسَمَّى نَفَقةً له. والحَدِيثُ مَبْنِيٌّ على هذه المسألةِ، فإنَّ أحمدَ إنَّما ذَهَبَ إلى هذا الحُكْمِ اسْتِحْسانًا، على خِلافِ القِياسِ، فإنَّ القِياسَ أنَّ الزَّرْعَ لصاحِبِ البَذْرِ؛ لأنَّه نَماءُ مالِه، فأشْبَهَ ما لو غَصَب دَجَاجَةً فحَضَنَتْ بَيضًا له، كان النَّماءُ له. وقد صَرَّحَ به أحمدُ، فقال: هذا شيءٌ لا يُوافِقُ القِياسَ، أسْتَحْسِنُ أنَّ يَدْفَعَ إليه نَفقَتَه؛ للأثَرِ. ولذلك جَعَلْناه للغاصِبِ إذا أُخِذَتْ منه الأرْضُ بعدَ أخْذِه الزَّرْع، وإذا كان العَمَلُ بالحَدِيثِ، فيَجِبُ أن يُتبَّعَ مَدْلُولُه (ويَحْتَمِلُ أنَّ يكونَ الزَّرْعُ للغاصِبِ، وعليه الأجْرَةُ) كما إذا رَجَع