فأُخِذَ بإعادَتِها إلى ما كانت، وعليه تَسْويَةُ الأرْضِ، ونَقْصُها ونَقْصُ الغِرَاسِ؛ لأنَّه نَقْصٌ حَصَل في يَدِ الغاصِبِ، أشْبَهَ ما لو غَصَب طَعامًا فتَلِفَ بعضُه، وإن لم يَكُنْ في قَلْعِه غَرَضٌ صَحِيحٌ، لم يُجْبَرْ على قَلْعِه؛ لأنَّه سَفَهٌ، فلا يُجْبَرُ عليه. وقيلَ: يُجْبَرُ؛ لأنَّ المالِكَ مُحَكَّمٌ في مِلْكِه، والغاصِبَ غيرُ مُحَكَّم. فإن أرادَ الغاصِبُ قَلْعَه، ومَنَعَه المالِكُ، لم يَمْلِكْ قَلْعَه؛ لأنّ الجَمِيعَ مِلْكٌ للمَغْصُوبِ منه، فلم يَمْلِكْ غيرُه التَّصَرُّفَ فيه بغيرِ إذْنِه.
فصل: والحُكْمُ فيما إذا بَنَى في الأرِضِ، كالحُكْمِ فيما إذا غَرَس فيها في هذا التَّفْصِيلِ جَميعِه، إلَّا أنَّه يتَخرَّجُ أنَّه إذا بَذَل مالِكُ. الأرْضِ القِيمَةَ لصاحِبِ البِنَاءِ، أُجْبِرَ على قَبُولِها إذا لم يَكُنْ في النَّقْضِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لأنَّ النَّقْضَ سَفَهٌ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لِما روَى الخَلَّالُ، بإسْنادِه عن الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ بَنَى في رِبَاعِ قَوْمٍ بإِذْنِهِم فَلَهُ الْقِيمَةُ، وَمَنْ بَنَى بِغَيرِ إذْنِهِمْ فَلَهُ النَّقْضُ»(١). ولأنَّ ذلك مُعاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها، وإذا كانتِ الآلة مِن تُرابِ الأرْضِ وأحْجارِها، فليس للغاصِبِ النَّقْضُ، على ما ذَكَرْنا في الغَرْسِ.
(١) أخرجه البيهقي، في: باب من بنى أو غرس في أرض غيره، من كتاب الغصب. السنن الكبرى ٦/ ٩١. وضعف إسناده.