فتَعَدَّى إلى مِلْكِ غيرِه فأتْلَفَه، ضَمِنَ إذا كان قد أَسْرَفَ فيه، أو فَرَّطَ، وإلَّا فلا) وجُمْلَتُه، أنَّه إذا فَعَل ذلك، لم يَضْمَنْ إذا كان ما جَرَتْ به العادَةُ مِن غيرِ تفرِيطٍ؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَدٍّ، ولأنَّها سِرَايَة فِعْلٍ مُباحٍ، فلم يَضْمَنْ، كسِرَايَةِ القَوَدِ. وفارَقَ مَن حَلَّ وكَاءَ زِقٍّ فانْدَفَقَ؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بحَلِّه، ولأنَّ الغالِبَ خُروجُ المائِعِ مِن الزِّقِّ المَفْتوحِ، بخِلافِ هذا. فإن كان بتَفْرِيطٍ منه أو إسْرافٍ؛ بأن أَجَّجَ نارًا تَسْرِى في العادَةِ لكَثْرَتِها، أو في رِيحٍ شَدِيدَةٍ تَحْمِلُها، أو فَتَحَ ماءً كثيرًا يتَعَدَّى، أو فَتَح الماءَ في أرْضِ غيرِه، أو أَوْقَدَ في دارِ غيرِه، ضَمِنَ ما تَلِفَ به وإن سَرَى إلى غيرِ الدّارِ التي أَوْقَدَ فيها، والأرضِ التي فَتَحَ الماءَ فيها؛ لأنَّها سِرَايَةُ غدْوانٍ، أشْبَهَ سِرايَةَ الجُرْحِ الذي تَعَدَّى به. وكذلك (١) إن يَبَّسَتِ النارُ أغْصانَ شَجَرَةِ غيرِه، يَضْمَن؛ لأنَّ ذلك لا يكونُ إلَّا مِن نارٍ كَثِيرَةٍ، إلَّا أن تكونَ الأغْصان في هَوائِه، فلا يَضْمَنُ؛ لأنَّ دُخُولَها إليه غيرُ مُسْتَحَقٍّ، فلا يُمْنَعُ مِن التَّصَرُّفِ في دارِه؛ لحُرْمَتِها. ومَذْهَبُ الشافِعِيِّ كما ذَكَرْنا في هذا الفصلِ.