ولَنا، أنَّ قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ». لا يتَنَاوَلُ إلَّا ما ذَكَرْناه، وإنَّما أرادَ ما لا يَنْقَسِمُ مِن الأرْضِ؛ لقَوْلِه:«فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ». ولأنَّ هذا مِمّا لا يَتَباقَى ضَرَرُه على الدَّوَامِ، فلم تَجِبْ فيه الشُّفْعَةُ، كصُبْرَةِ الطَّعامِ. وحَدِيثُ ابنِ أبي مُلَيكَةَ مُرْسَلٌ، ولم يُرْوَ في الكُتُبِ المَوْثُوقِ بها. والحُكْمُ في الغِرَافِ (١) والدُّولابِ والنّاعُورَةِ، كالحُكْم في البِنَاءِ. فأمّا إن بيعَتِ الشَّجَرَةُ مع قَرَارِها مِن الأرْضِ، مُفْرَدَةً عمّا يتَخَلَّلُها مِن الأرْضِ، فحُكْمُها حُكْمُ ما لا يَنْقَسِمُ مِن العَقَارِ، فيه مِن الخِلافِ ما ذَكَرْناه؛ لأَنه مِمّا لا يَنْقَسِمُ. ويَحْتَمِلُ أنَّ لا تَجِبَ الشُّفْعَةُ فيها بحالٍ؛ لأنَّ القَرارَ تابعٌ لها، فإذا لم تَجِبِ الشُّفْعَةُ فيها مُفْرَدَةً لم تَجِبْ في تَبَعِها. وإن بِيعَتْ حِصّةٌ مِن عُلْو دَارٍ مُشْتَرَكٍ، وكان السَّقْفُ الذي تحتَه لصاحِبِ السُّفْلِ، فلا شُفْعَةَ في العُلْو؛ لأنَّه بِنَاءٌ مُفرَدٌ، وإن كان لصاحِبِ العُلْو، فكذلك؛ لأنَّه بِنَاء مُفْرَدٌ؛ لكَوْنِه لا أرْضَ له، فهو كما لو لم يَكُنِ السَّقْفُ له. ويَحْتَمِلُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فيه؛ لأنَّ له قَرَارًا، أشْبَهَ السُّفْلَ.