فصل: فأمّا الوَلِيُّ، فإن كان للصَّبِيِّ حَظٌّ في الأخْذِ بها، مثلَ أن يكونَ الشِّراءُ رَخِيصًا، أو بثَمَنِ المِثْلِ، وللصَّبِيِّ ما يَشْتَرِي به العَقَارَ، لَزِم وَلِيَّه الأخْذُ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ عليه الاحْتِياطَ له، والأخْذَ بما فيه الحَظُّ، فإذا أخَذَ بها، ثَبَت المِلْكُ للصَّبِيِّ، ولم يَمْلِكْ نَقْضَه بعدَ البُلُوغِ، في قولِ مالِكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْي. وقال الأوْزاعِيُّ: ليس للوَلِيِّ الأخْذُ بها؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ العَفْوَ عنها، ولا يَمْلِكُ الأخْذَ بها، كالأجْنَبِيِّ، وإنَّما يَأْخُذُ بها الصَّبِيُّ إذا كَبِرَ. وهذا لا يصِحُّ؛ لأنَّه خِيَارٌ جُعِلَ لإِزالةِ الضَّرَرِ عن المالِ، فمَلَكَه الوَلِيُّ، كالرَّدِّ بالعَيبِ. وقد ذَكَرْنا فَسادَ قِياسِه فيما مَضَى. فإن تَرَكَها الوَلِيُّ مع الحَظِّ للصَّبِيِّ، فللصَّبِيِّ الأخْذُ بها إذا كَبِر، ولا يَلْزَمُ الوَلِيَّ غُرْمٌ لذلك؛ لأنَّه لم يُفَوِّتْ شيئًا مِن مالِه، وإنَّما تَرَك تحْصِيلَ ما له الحَظُّ فيه، فأشْبَهَ ما لو تَرَك شِراءَ العَقَارِ له مع الحَظِّ في شِرائِه، وإن كان الحَظُّ في تَرْكِها، مثلَ أن يكونَ المُشْتَرِي قد غُبِنَ، أو كان في الأخْذِ بها يَحْتاجُ إلى أن يَسْتَقْرِضَ ويَرْهَنَ مال الصَّبِيِّ، فليس له الأخْذُ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ فِعْلَ ما لا حَظَّ للصَّبِيِّ فيه. فإن أخَذَ، لم يَصِحَّ في إحْدَى