بالثانِي، فهل يُشارِكُه المُشْتَري في شُفْعَتِه بنَصِيبِه الأوَّلِ؟ فيه ثَلاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، يُشارِكُه فيها. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ، وبعضِ أصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه شَرِيكٌ في وَقْتِ البَيعِ الثاني بمِلْكِه الذي اشْتَراهُ أوَّلًا. والثاني، لا يُشارِكُه؛ لأنَّ مِلْكَه على الأوَّلِ لم يَسْتَقِرَّ؛ لكَوْنِ الشَّفِيعِ يَمْلِكُ أخْذَه. والثالثُ، إن عَفَا الشَّفِيعُ عن الأوَّلِ شارَكَه في الثاني، وإن أخَذَ بهما جَميعًا لم يُشارِكْه. وهذا مَذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه إذا عفا عنه، اسْتَقَرَّ مِلْكُه، بخِلافِ ما إذا أخَذَ. فإن قُلْنا: يُشارِكُ (١) في الشُّفْعَةِ، ففي قَدْرِ ما يَسْتَحِقُّ وَجْهان؛ أحَدُهما، ثُلُثُه. والثانِي، نِصْفُه بِناءً على الرِّوايَتَين في قَسْمِ الشُّفْعَةِ على قَدْرِ الأمْلاكِ أو عَدَدِ الرُّءُوسِ. فإذا قُلْنا: يُشارِكُه. فَعَفَا له عن الأوَّلِ، صار له ثُلُثُ العَقَارِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، ثَلاثةُ أثْمانِه، وباقِيه لشَرِيكِه. وإن لم يَعْفُ عن الأوَّلِ، فله نِصْفُ سُدْسِه، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، ثُمْنُه، والباقِي لشَرِيكِه. وإن باعَه الشَّرِيكُ الشِّقْصَ في ثَلاثِ صَفَقاتٍ مُتَساويَةٍ، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو باعَه لثَلاثَةِ أنْفُسٍ، على ما نَذْكُرُه. ويَسْتَحِقُّ ما يَسْتَحِقُّونَ، وللشَّفِيع ههُنا مثلُ ما لَه مع الثَّلاثةِ. واللهُ أعْلَمُ.