فصل: وإذا أكَلَتِ الهِرَّةُ نَجاسَةً، ثم شَرِبَتْ مِن مائِعِ بعدَ الغَيبَةِ، فهو طاهِرٌ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَى عنها النَّجاسَةَ، وتَوَضَّأ بفَضْلِها، مع عِلْمه بأكْلِها النَّجاساتِ. وإن شَرِبَتْ قبلَ الغَيبَةِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: يَنْجُسُ؛ لأنَّه مائِعٌ وَرَدَتْ عليه نَجاسَةٌ مُتَيَقَّنَةٌ. وقال أبو الحسنِ الآمِدِيُّ: ظاهِرُ قَوْلِ أصحابِنا طَهارَتُه؛ لأنَّ الخَبَرَ دَلَّ على العَفْو عنها مُطْلَقًا، وعَلَّل بعَدَمِ إمْكانِ التَّحَرُّزِ عنها، ولأنَّنا حَكَمْنا بطَهارَتِها بعدَ الغَيبَةِ في مَكانٍ لا يَحْتَمِلُ وُرُودَها على ماءٍ كَثِيرٍ يُطَهِّرُ فاها، ولو احْتَمَل ذلك فهو شَكّ لا يُزِيلُ يَقِينَ النَّجاسَةِ، فوجَبَ إحالةُ الطهارةِ على العَفْو عنها، وهو شامِلٌ لِما قبلَ الغَيبَةِ.