بها؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَت لهما بإقْرارِه به، وإقْرارُه بالشِّراءِ بعدَ ذلك إقْرارٌ في مِلْكِ غيرِه، فلا يُقْبَلُ، بخِلافِ ما إذا أقَرَّ بالشِّراءِ ابْتِداءً؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَت لهما بذلك الإِقْرارِ المُثْبِتِ للشُّفْعَةِ، فَثَبَتَا جَمِيعًا. وإن لم يَذْكُرْ سَبَبَ المِلْكِ، لم يَسْأْلَه الحاكِمُ عنه، ولم يُطالبْ ببَيانِه؛ لأنَّه لو صَرَّحَ بالشِّراءِ لم تَثْبُتْ به شُفْعَةٌ، فلا فائِدَةَ في الكَشْفِ عنه. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ كُلِّه كمَذْهَبِنا.
فصل: وإذا كانت دارٌ بينَ حاضِرٍ وغائِبٍ، فادَّعَى الحاضِرُ على مَن في يَدِه نَصِيبُ الغائِبِ أنَّه اشْتَراه منه، وأنَّه يَسْتَحِقُّه بالشُّفْعَةِ، فصَدَّقَه، فللشَّفِيع أخْذُه بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ من في يَدِه العَينُ يُصَدَّقُ في تَصَرُّفِه فيما في يَدِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وأصحابُه. ولأصحّابِ الشافعيِّ في ذلك وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له أخْذُه؛ لأنَّ هذا إقْرارٌ على غيرِه. ولَنا، أنَّه أقَرَّ بما في يَدِه، فقُبِلَ إقْرارُه، كما لو أقَرَّ بأصْلِ مِلْكِه. وهكذا لو ادَّعَى عليه أنَّك بِعْتَ نَصِيبَ الغائِب بإذْنِه، وأقَرَّ الوَكِيلُ، كان كإقْرارِ البائِع بالبَيعِ. فإذا قَدِم الغائِبُ فأَنْكَرَ البَيعَ، أو الإِذْنَ في البَيعِ، فالقولُ قوله مع يَمِينِه، ويَنْتزِعُ الشِّقْصَ، ويُطالِبُ بأُجْرَتِه مَن شاءَ منهما، ويَسْتقِرُّ