كما لو وَجَد به عَيْبًا. وللشافعيِّ قَوْلان كالمَذْهَبَين. ولَنا، أنَّه مَبِيعٌ فيه الخِيارُ، فلم تَثْبُتْ فيه (١) الشُّفْعَةُ، كما لو كان للبائِعِ؛ وذلك لأنَّ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ يُلْزمِ المُشْتَرِيَ بالعَقْدِ بغيرِ رِضَاه، ويُوجِبُ العُهْدَةَ عليه، ويُفَوِّتُ حَقَّه مِن الرُّجُوعِ في عَينِ الثَّمَنِ، فلم يَجُزْ، كما لو كان الخِيارُ للبائِعِ، فإنَّنا إنَّما مَنَعْنا مِن الشُّفْعَةِ لما فيه مِن إبْطالِ خِيارِ البائِعِ، وتَفْويتِ حَقِّ الرُّجُوعِ في عينِ مالِه، وهما في نَظَرِ الشَّرْعِ على السَّواءِ. وفارَقَ الرَّدَّ بالعَيبِ؛ فإنَّه إنَّما ثَبَت لاستِدْراكِ الظُّلامَةِ، وذلك يَزُولُ بأخْذِ الشَّفِيعِ، فإن باعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَه في مُدَّة الخِيارِ عالِمًا ببَيعِ الأوَّلِ، سَقَطَتْ شُفْعَتُه، وقد ذَكَرْنا ذلك فيما مَضَى.
فصل: وبَيعُ المَرِيضِ كبَيعِ الصَّحِيحِ في الصِّحَّةِ، وثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وسائِرِ الأحْكامِ، إذا باعَ بثَمَنِ المِثْلِ سَواءٌ كان لوارِثٍ أو غيرِ وارِثٍ. وبهذا قال الشافعيُّ، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ بَيعُ المَرِيضِ مَرَضَ المَوْتِ لوارِثِه؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه في حَقِّه، فلم يَصِحَّ بَيعُه، كالصَّبِيِّ. ولَنا، أنَّه إنَّما حُجِرَ عليه في التَّبَرُّعِ في حَقِّه، فلم يَمْنَعِ الصِّحَّةَ فيما سِوَاه، كالأجْنَبِيِّ إذا لم يَزِدْ على التَّبَرُّعِ بالثُّلُثِ؛ وذلك لأنَّ الحَجْرَ في شيءٍ لا يَمْنَعُ صِحَّةَ غيرِه، كما أنَّ الحَجْرَ على المُرْتَهِنِ في الرَّهْنِ لا يَمْنَعُ التَّصرُّفَ في غيرِه، والحَجْرُ على المُفْلِسِ في مالِه لا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ في ذِمَّتِه. فأمّا بَيعُه بالمُحاباةِ فلا