غَرِيمِ الوارِثِ. الوجهُ الرابعُ، أنَّ للشَّفِيعِ أن يَأْخُذَ بقَدْرِ ما عَدَا المُحاباةَ بجَمِيعِ الثَّمَنِ، بمَنْزِلَةِ هِبَةِ المُقابِلِ للمحُاباةِ؛ لأنَّ المُحاباةَ بالنِّصْفِ مَثَلًا هِبَة للنِّصْفِ. وهذا لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو كان بمَنْزِلَةِ هِبَةِ النِّصْفِ، ما كان للشَّفِيعِ الأجْنَبِيِّ أخْذُ الكلِّ؛ لأنَّ المَوْهُوبَ لا شُفْعَةَ فيه. الخامسُ، أنَّ البَيعَ يَبْطُلُ في قَدْرِ المُحاباةِ. وهو فاسِدٌ؛ لأنَّها مُحاباة لأجْنَبِيٍّ بما دُونَ الثُّلُثِ، فلا تَبْطُلُ، كما لو لم يَكُنِ الشِّقْصُ مَشْفُوعًا.
فصل: ويَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بأخْذِه وبكلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ على أخْذِه، بأن يقولَ: قد أخَذْتُه بالثَّمَنِ. أو: تَمَلَّكْتُه بالثَّمَنِ. ونَحْو ذك، إذا كان الثَّمَنُ والشِّقْصُ مَعْلُومَين. ولا يَفْتَقِرُ إلى حُكْمِ حاكِمٍ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: يَمْلِكُه بالمُطالبَةِ؛ لأنَّ البَيعَ السابِقَ سَبَبٌ، فإذا انْضَمَّتْ إليه المُطالبَةُ، كان كالإِيجابِ في البَيعِ إذا انْضَمَّ إليه القَبُولُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْصُلُ إلَّا بحُكْمِ حاكِمٍ؛ لأنَّه نَقْل للمِلْكِ عن مالكِهِ إلى غيرِه قَهْرًا، فافْتَقَرَ إلى حُكْمِ حاكِمٍ، كأخْذِ دَينِه. ولَنا، أنَّه حَقٌّ ثَبَت بالنَّصِّ والإِجْماعِ، فلم يَفْتَقِرْ إلى حُكْمِ حاكِمٍ كالرَّدِّ بالعَيبِ. وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرُوه، وبأْخْذِ الزَّوْجِ نِصْفَ الصَّداقِ بالطَّلاقِ قبلَ الدُّخولِ، ولأنَّه مالٌ يَتَمَلَّكُه قَهْرًا، فَمَلَكَه بالأخْذِ، كالغَنائِمِ والمُباحاتِ، ومَلَكَه باللَّفْظِ الدّالِّ على الأخْذِ؛ لأنَّه بَيْعٌ في الحَقِيقَةِ، لكنَّ الشّفِيعَ يَسْتَقِلُّ به، فاسْتَقَلَّ باللَّفْظِ الدّالِّ عليه.