ليس للرّافِضَةِ شُفْعَة؟ فضَحِكَ، وقال: أراد أن يُخْرِجَهُم مِن الإسْلامِ. فظاهِرُ هذا أنَّه أثْبَتَ لهم الشُّفْعَةَ، وهذا مَحْمُولٌ على غيرِ الغُلاةِ منهم، فأمَّا الغُلاةُ، كالمُعْتَقِدِ أنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ في الرِّسَالةِ فجاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما أرْسِلَ إلى عليٍّ، ونحوه، ومَن حُكِمَ بكُفْرِه مِن الدُّعاةِ إلى القَوْلِ بخَلْقِ القرآنِ، فلا شُفْعَةَ له؛ لأنَّ الشُّفْعَةَ إذا لم تثْبُتْ للذِّمِّيِّ الذي يُقَرُّ على كُفْرِه، فغيرُه أوْلَى.
فصل: وتَثْبُتُ الشُّفعَةُ للبَدَويِّ على القَرَويِّ، وللقَرَويِّ على البَدَويِّ، في قولِ أكثرَ أهْلِ العِلْمِ. وقال الشَّعْبِيُّ، والبَتِّيُّ: لا شُفْعَةَ لمَن لم يَسْكُن المِصْرَ. وعُمُومُ الأدِلةِ واشْتِرِاكُها في المَعْنَى المُقْتَضِي لوُجُوبِ الشًّفْعَةِ يَدُلُّ على ثبوتِها لهم.
فصل: قال أحمدُ، في رِوايَةِ حَنْبَل: لا نَرَى في أرْضِ السَّوادِ شُفْعَةً؛ لأنَّ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه، وَقَفَها على المُسْلِمِينَ، فلا يَجُوزُ بَيعُها، والشُّفْعَةُ إنَّما تكونُ في البَيعِ. وكذلك الحُكْمُ في سائِرِ الأرْضِ التي وَقَفَها عمرُ، وهي التي فُتِحَتْ عَنْوَةً في زَمَنِه ولم يَقْسِمْها، كأرْضِ الشّامِ ومِصْرَ. وكذلك كلُّ أرْض فُتِحَتْ عَنْوَةً ولم تُقْسَمْ بينَ الغانِمِينَ، إلَّا أن يَحْكُمَ بِبَيعِها حاكِمٌ، أو يَفْعَلَه الإمامُ أو نائِبُه، فإن فَعَل ذلك ثَبَتَت فيه الشُّفْعَةُ؛ لأنَّه فَصْل مُخْتَلَفٌ فيه، ومتى حَكَم الحاكِمُ في المُخْتَلَفِ فيه بشيءٍ، نَفَذ حُكْمُه.