. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أراد الهِجْرَةَ أوْدَعَها عندَ أمِّ أيمَنَ، وأمَرَ عليًّا أن يَرُدَّها على أهْلِها (١). وأمّا الإجْماعُ، فأجْمَعَ عُلَماءُ كلِّ عَصْر على جَوازِ الإيداعِ والاسْتِيداعِ، والعِبْرَةُ تَقْتَضِيها؛ لحاجَةِ النّاسِ إليها، فإنَّه يَتَعَذَّر على جَمِيعِهم حِفْظُ أمْوالِهم بأنْفُسِهم، ويَحْتاجُون إلى مَن يَحْفَظُها لهم. والوَدِيعَةُ فَعِيلة، مِن وَدَع الشيءَ: إذا تَرَكَه، أي هي مَتْرُوكَة عندَ المُودَعِ. واشْتِقاقُها بِن السُّكُونِ. يُقالُ: وَدَع، يَدَعُ. فكأنَّها ساكِنَة عندَ المُودَعِ مُسْتَقِرة. وقِيلَ: هي مُشْتَقَّةٌ مِن الحِفْظِ والدَّعَةِ، فكأنَّها في دَعة عندَ المُودَعِ. وقَبُولُها مُسْتَحبٌّ لمَن يَعْلَمُ مِن نَفْسِه الأمانَةَ؛ لأنَّ فيه قَضاءَ حاجَةِ أخِيه المُؤمِنِ ومُعاوَنَتَه. وهي عَقْدٌ جائِزٌ مِن الطَّرَفَين، متى أراد المُودِعُ أخْذَ وَدِيعَتِه لَزِم المُسْتَوْدَعَ رَدُّها؛ للآيَةِ. وإن رَدَّها المُسْتَوْدَعُ على صاحِبِها، لَزِمَه القَبُولُ؛ لأنَّ المُسْتَوْدَعَ مُتَبَرِّعٌ بإمْساكِها، فلا يَلْزَمُه التَّبرُّعُ في المُستقْبَلَ.
(١) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في الترغيب في أداء الأمانات، من كتاب الوديعة. السنن الكبرى ٦/ ٢٨٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute