للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثَّوْرِيُّ، والشّافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأي. وعن أحمدَ رِوايَة، إن ذَهَبَتِ الوَدِيعَة مِن بينِ مالِه ضَمِنَها؛ لِما رُوِيَ عن عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، أَنَّه ضَمَّنَ أنَسَ بنَ مالِكٍ وَدِيعَةً ذَهَبَتْ مِن بينِ مالِه (١). قال القاضي: والأوَّل أصَحُّ؛ لأنَّ الله تعالى سَمّاها أمانَةً، والضَّمان يُنافِي الأمانَةَ. وروَى الدّارَقطنيُّ (٢)، لأنَّ عمرِو بنِ شعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيسَ عَلَى الْمُودَعِ ضَمَان». [ولأن المسْتَوْدَعَ مؤتَمَنٌ، فلم يَضْمَنْ ما تَلِف مِن غيرِ تَعَدِّيه ولا تَفْرِيطِه، كما لو ذَهَبَت مع مالِه] (٣)، ولأنَّ المسْتَوْدَعَ إنَّما يَحْفَطها لصاحِبِها متَبَرِّعًا، مِن غيرِ نَفعٍ يَرْجِع إليه، فلو لَزِمَه الضَّمان لامْتَنَعَ النّاس مِنِ الاسْتِيداعِ، وذلك مضِرٌّ؛ لِما بَيَّناه مِن الحاجَةِ إليها. وما رُوِيَ عن عُمَرَ مَحْمولٌ على التَّفْرِيطِ مِن أنَسٍ في حِفْظِها، فلا ينافِي ما ذَكَرْناه. فإن تَعَدَّى المُودَع فيها، أو فَرَّطَ في حِفظِها، ضَمِنَها، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه؛ لأنَّه مُتْلِف لمالِ غيره، فضَمِنَه، كما لو أتْلَفَه مِن غير اسْتِيداع.


(١) أخرجه البيهقي، في: باب لا ضمان على مؤتمن، من كتاب الوديعة. السنن الكبرى ٦/ ٢٨٩.
(٢) في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني ٣/ ٤١. بنحوه.
كما أخرجه ابن ماجة، في: باب الوديعة، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجة ٢/ ٨٠٢. بنحوه أيضًا.
(٣) سقط من: م.