فأخَذَ منها واحِدًا ثم رَدَّه بعَيِنه، لم يَضْمَنْ غيرَه؛ لأنّه لم يَتَعَدَّ في غيرِه. وكذلك إن رَدَّ بَدَلَه مُتَمَيِّزًا؛ لِما ذَكَرْنا. وإن لم يكنْ مُتَمَيِّزًا، فظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِيِّ أنَّه (لا يَضْمَنُ غيرَه) لأنَّ التَّعَدِّيَ اخْتَصَّ به، فاخْتَصَّ الضَّمانُ به، وخَلْطُ المَرْدُودِ بغيرِه لا يَقْتَضِي ضَمانَ الجَمِيعِ؛ لأنَّه يَجِبُ رَدُّه معها، فلم يُفَوِّتْ على نَفْسِه إمْكانَ رَدِّها، بخِلافِ ما إذا خَلَطَه بغيرِه. ولو أذِنَ له صاحِبُ الوَدِيعَةِ في الأخْذِ منها، ولم يَأْمُرْه برَدِّ بَدَلِه، فأخَذَ ثم رَدَّ بَدَل ما أخَذَ، فهو كرَدِّ بَدَلِ ما لم يُؤْذَنْ في أخْذِه. وقال القاضي: يَضْمَنُ الكلَّ. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنه خَلَط الوَدِيعَة بما لا تَتَمَيَّزُ منه، فضَمِنَ الكلَّ، كما لو خَلَطَها بغيرِ البَدَلِ. وقد ذَكَرْنا فَرْقًا بينَ البَدَلِ وغيرِه، فلا يَصِحُّ القِياسُ. وإن كانتِ الدَّراهِمُ في كِيسٍ مَخْتُومٍ أو مَشْدُودٍ، فكَسر الخَتْمَ أو حَلَّ الشَّدَّ، ضَمِنَها، وقد ذَكَرْناه.