للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: فإن نَوَى الخِيانَةَ في الوَدِيعَةِ بالجُحُودِ أو الاسْتِعْمالِ، ولم يَفعَل ذلك، لم يَصِرْ ضامِنًا؛ لأنَّه لم يُحْدِث في الوَدِيعَةِ قولًا ولا فِعْلًا، فلم يَضْمَن، كما لو لم يَنْو. وقال ابنُ سُرَيجٍ: يَضْمَنُها؛ لأنَّه أمْسَكَها بنِيَّةِ الخِيانةِ، فضَمِنَها، كاللُّقَطَةِ بقَصْدِ التَّمْليكِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «عُفِيَ لأُمَّتِي عنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ، وما حَدَّثَتْ به أنْفسَها، ما لمْ تَتَكَلَّمْ بِه، أوْ تعْمَل بِهِ» (١). ولأنَّه لم يَخُنْ فيها بقولٍ ولا فِعْلٍ، فلم يَضْمَنْها، كالذي لم يَنْو، وفارَقَ المُلْتَقِطَ بقَصْدِ التَّمْلِيكِ، فإنه عَمِل فيها (٢) بأخْذِها ناويًا للخِيانَةِ فيها، فوَجَبَ الضمان بفِعْلِه المَنْويِّ، لا بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ ولو الْتَقَطَها قاصِدًا لتَعْرِيفِها، ثم نَوَى بعدَ ذلك إمْساكَها لنَفْسِه، كانت كمسْأَلتِنا. وإن أخْرَجَها بنِيِّةِ الاسْتِعْمالِ، فلم يَسْتَعْمِلْها، ضَمِنَها. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفةَ: لا يَضْمَنُها إلَّا بالاسْتِعْمالِ؛ لأنَّه لو أخْرَجَها لنَقْلِها لم يَضْمَنْها. ولنا، أنَّه تَعَدَّى بإخْراجِها، أشْبَهَ ما لو اسْتَعْمَلَها، بخِلافِ ما إذا نَقَلَها.


(١) الطرف الأول للحديث تقدم تخريجه في ١/ ٢٧٦.
والطرف الثاني تقدم تخريجه في ٧/ ٤٢٨.
(٢) في م: «بها».