للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وما نَضَب عنه الماءُ مِن الجَزائِرِ، لم يُمْلَكْ بالإِحْياءِ. قال أحمدُ، في رِوايَةِ العَبّاسِ بنِ موسى (١): إذا نَضَب الماءُ عن جَزِيرَةٍ إلى قَناةِ رجلٍ، لم يَبْنِ فيها؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا، وهو أنَّ الماءَ يَرْجِعُ. يَعْني أنَّه يَرْجِعُ إلى ذلك المَكانِ، فإذا وَجَدَه مَبْنِيًّا، رَجَع إلى الجانِبِ الآخَرِ، فأضَرَّ بأهْلِه. ولأنَّ الجَزائِرَ مَنْبِتُ الكَلَأ والحَطَبِ، فجَرَى مَجْرَى المَعادِنِ الظّاهِرَةِ، وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا حِمَى في (٢) الأرَاكِ» (٣). قال أحمدُ، في رِوايَةِ حَرْبٍ: يُرْوَى عن عُمَرَ أنَّه أباح الجَزائِرَ. يَعْنِي أباح ما يَنْبُتُ في الجَزائِرِ مِن النّباتِ، وقال: إذا نَضَب الفُراتُ عن شيءٍ، ثمَّ نَبَت فيه نَباتٌ، فجاء رجلٌ يَمْنَعُ النّاسَ منه، فليس له ذلك. فأمَّا إن غَلَب الماءُ على مِلْكِ إنْسانٍ، ثمَّ عاد فنَضَب عنه، فله أخْذُه، ولا يَزُولُ مِلْكُه بغَلَبةِ الماءِ عليه. فإن كان ما نَضَب عنه الماءُ لا يَنْتَفِعُ به أحَدٌ، فعَمَّرَه رجلٌ عِمارَةً لا تَرُدُّ الماءَ، مثلَ أن يَجْعَلَه مَزْرَعَةً، فهو أحَقُّ به مِن غيرِه؛ لأنَّه مُتَحَجِّرٌ لِما ليس لمُسْلِمٍ فيه حَقٌّ، فأشْبَهَ التَّحَجُّرَ في المَواتِ.


(١) العباس بن محمد بن موسى الخلال، بغدادي، من أصحاب الإمام أحمد الأولين، الذين كان يعتد بهم، وله مسائل عن أبي عبد الله، يقول فيها: قبل الحبس وبعده. طبقات الحنابلة ١/ ٢٣٩.
(٢) في م: «إلا في».
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب في إقطاع الأرضين، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود ٢/ ١٥٦. والدارمي، في: باب في الحمى، من كتاب البيوع. سنن الدارمي ٢/ ٢٦٩.