للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُعَلِّقُ الحُكْمَ على ما ليس إلى مَعْرِفَتِه طَرِيقٌ، فلَمّا لم يُبَيِّنْه، تَعَيَّنَ العُرْفُ طَرِيقًا لمَعْرِفَتِه، إذ ليس له طَرِيقٌ سِواه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ الأرْضَ تُحْيَى دارًا للسُّكْنَى، وحَظِيرَةً، ومَزْرَعَةً، فإحْياءُ كلِّ واحِدَةٍ مِن ذلك بما تَتَهَيَّأُ به للانْتِفاعِ الذي أُرِيدَتْ له. فأمَّا الدّارُ، فبأن يَبْنِيَ حِيطانَها بما جَرَتْ به العادَةُ، ويُسَقِّفَها؛ لأنَّها لا تَصْلُحُ للسُّكْنَى إلَّا بذلك. والحَظِيرَةُ إحْياؤُها بحائِطٍ جَرَتْ به العادَةُ لِمْثلِها، وليس مِن شَرْطِها التَّسْقِيفُ؛ لأنَّ العادَةَ لم تَجْرِ به، وسَواءٌ أرادَها حَظِيرَةً للماشِيَةِ، أو للخَشَبِ، أو للحَطَبِ، أو نحو ذلك. فإن جَعَل عليها خَنْدَقًا، لم يَكُنْ إحياءً؛ لأنَّه ليس بحائطٍ ولا عِمارَةٍ، إنَّما هو حَفْرٌ وتَخْرِيبٌ، وكذلك إن حاطَها بشَوْكٍ وشِبْهِه، لا يكونُ إحياءً، ويكونُ تَحَجُّرًا، لأنَّ المُسافِرَ قد يَنْزِلُ مَنْزِلًا ويُحَوِّطُ على رَحْلِه بنحوٍ مِن ذلك، ولو نَزَل مَنْزِلًا فنَصَبَ فيه بَيتَ شَعَرٍ أو خَيمَةً، لم يكنْ إحْياءً. وإن أرادَها للزِّراعَةِ، فبأن يُهَيِّئَها لإِمْكانِ الزَّرْعِ فيها، فإن كانت لا تُزْرَعُ إلَّا بالماءِ، فبأنْ يسُوقَ إليها ماءً مِن نَهْرٍ أو بِئْرٍ، وإن كان المانِعُ مِن زَرْعِها كَثْرَةَ الأحْجارِ، كأرْضِ