للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وسَواءٌ ضَيَّقَ على النّاسِ بذلك أو لم يُضَيِّقْ؛ لأنَّ ذلك يَشْتَرِكُ فيه المسلمونُ، وتتَعَلَّقُ به مَصْلَحَتُهم، أشْبَهَ مَساجِدَهم. ويَجُوزُ الارْتِفاقُ بالقُعُودِ في الواسِعِ مِن ذلك للبَيعِ والشِّراءِ على وَجْهٍ لا يُضَيِّقُ على أحَدٍ ولا يَضُرُّ بالمارَّةِ؛ لاتِّفاقِ أهْلِ الأمْصارِ في جَمِيعِ الأعْصارِ، على إقْرارِ النّاسِ على ذلك مِن غيرِ إنْكارٍ، ولأنَّه ارْتِفاقٌ بمُباحٍ مِن غيرِ إضْرارٍ، فلم يُمْنَعْ منه، كالاجْتِيازِ. قال أحمدُ، في السّابِقِ إلى دَكاكِينِ السُّوقِ غُدْوَةً: فهو له إلى اللَّيلِ. وكان هذا في سُوقِ المَدِينةِ فيما مَضَى، وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مِنىً مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» (١). وله أن يُظَلِّلَ على نَفْسِه بما لا ضَرَرَ فيه؛ مِن بارِيَّةٍ (٢)، وكِساءٍ، ونحوه؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه مِن غيرِ مَضَرَّةٍ فيه. وليس له أن يَبْنِيَ دَكَّةً ولا غيرَها؛ لأنَّه يُضَيِّقُ على النّاسِ، وتَعْثُرُ به المارَّةُ باللَّيلِ، والضَّرِيرُ في اللَّيلِ والنَّهارِ، وتَبْقَى على الدَّوامِ، ورُبَّما ادَّعَى مِلْكَه بذلك. والسّابِقُ أحَقُّ به ما كان فيه؛ فإن قام وتَرَك مَتاعَه فيه، لم يَجُزْ لغيرِه إزالتُه؛ لأنَّ يَدَ الأوَّلِ عليه، وإن نَقَل مَتاعَه، كان لغيرِه أن يَقْعُدَ فيه؛ لأنَّ يَدَه قد زالت.


(١) تقدم تخريجه في ١١/ ٧٧.
(٢) البارية: الحصير.