أخَصُّ مِن حَدِيثهم، فنَخُصُّه به، ولو قُدِّرَ التَّعارضُ قُدِّم حَدِيثُنا؛ لأنَّه أصَحُّ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على الإبِلِ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّلَ مَنْعَ الْتِقاطِها بأنَّ مَعَها حِذاءَها وسِقاءَها، وهذا مَعْدُوم في الغَنم، ثم قد فَرقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بينَهما في خَبَر واحدٍ، فلا يجوزُ الجَمْعُ بين ما فرَّقَ الشّارِعُ بينَهما، ولا قِياسُ ما أمَر بالْتِقاطِه على ما مَنَع منه.
فصل: ولا فَرْقَ بين أن يَجِدَها بمِصْرٍ أو مَهْلكةٍ وقال مالك، وأبو عبَيدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، في الشّاةِ تُوجَدُ في الصَّحْراء: اذْبَحْها وكُلْها. وفي المِصْرِ: ضُمَّها حتى يَجِدَها صاحِبُها؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«هِيَ لَكَ أوْ لأخِيكَ أوْ للذِّئْبِ»(١). ولا يكونُ الذِّئْبُ في المِصْرِ. ولَنا، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَر بأخْذِها، ولم يفَرِّقْ ولم يَسْتَفْصِلْ، ولو افْتَرَقَ الحالُ لاسْتَفْصَلَ، ولأنَّها لُقَطَة، فاسْتَوَى فيها المِصْرُ وغيرُه، كسائِرِ اللُّقَطاتِ. وقَوْلُهم: لا يكونُ الذِّئْبُ في المِصْرِ. قُلْنا: كونُها للذِّئْبِ في الصَّحْرَاءِ، لا يَمْنَعُ كَوْنَها لغيرِه في المِصْرِ. ومَتى عَرَّفَها حَوْلًا مَلَكَها. وذَكَر القاضِي، وأبو الخَطّابِ، عن أحمدَ رِوَايَةً: أنَّه لا يَمْلِكُها. ولَعَلَّها الرِّوايَةُ التي مَنَع مِن الْتِقاطِها فيها. ولَنا، قولُه - عليه السلام -: «هِيَ لَكَ». أضافَها إليه بلامِ التَّمْلِيكِ، ولأنَّ الْتِقاطَها مُباحٌ، فمُلِكَتْ بالتَّعْرِيفِ، كالأثْمانِ. وقد حكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا.