لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَر بتَعرِيفِها حين سُئِلَ عنها، والأمرُ يَقْتَضِي الفَوْرَ، ولأنَّ القصدَ بالتَّعرِيفِ وُصُولُ الخَبَرِ إلى صاحِبِها، وذلك يَحصُلُ بالتَّعرِيفِ عَقِيبَ ضَياعِها مُتَوالِيًا؛ لأنَّ صاحِبَها في الغالِبِ إنَّما يَطْلُبُها عَقِيبَ ضَياعِها، فيَجِبُ تَخْصِيصُ التّعرِيفِ به.
الفصل الثالث، في زَمانِه، وهو النَّهارُ دُونَ اللَّيلِ؛ لأنَّ النَّهارَ مَجْمَعُ الناسِ ومُلْتَقاهُم، بخِلافِ اللَّيلِ، ويكونُ ذلك في اليَوْمِ الذي وَجَدها والأسْبُوعِ؛ لأنَّ الطَّلَبَ فيه أكثَرُ، ولا يَجِبُ فيما بعدَ ذلك متَواليًا. وقد روى الجُوزْجانِيُّ بإسْنادِه، عن مُعاويَةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ بَدرٍ الجُهني، قال: نَزَلْنا مُنَاخَ رَكْب فوَجَدتُ خِرقة فيها قَرِيب مِن مائةِ دِينار، فجِئْتُ بها إلى عُمَرَ، فقال: عَرِّفْها ثلاثةَ أيام على بابِ المَسْجِدِ، ثم أمسِكْها حتى قَرنِ السَّنَةِ، ولا يَفِدُ مِن رَكْبٍ إلا أنْشَدتَها، وقلتَ: الذَّهبُ بطَرِيقِ الشّامِ. ثم شَأنَكَ بها (١).
(١) أخرجه الإمام مالك، في: باب القضاء في اللقطة، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٥٧، ٧٥٨. وليس فيه لفظ: «عرفها ثلاثة أيام». والبيهقي، في: باب تعريف اللقطة ومعرفتها والإشهاد عليها، من كتاب اللقطة. السنن الكبرى ٦/ ١٩٣.