الفصل السادس، في مَن يَتَوَلَّى تَعرِيفَها، وللمُلْتَقِطِ تَوَلِّي ذلك بنَفْسِه، وأن يَسَتنيبَ فيه، فإن وَجَد مُتَبَرِّعًا بذلك. وإلَّا اسْتَأجَرَ، والأجْرَةُ على المُلْتَقِطِ. وبهذا قال الشافعي، وأصحابُ الرَّأي. واخْتارَ أبو الخَطّابِ، أنَّه إن قَصَد حِفْظَها لمالِكِها دُونَ تَمَلُّكِها رَجَع بالأجْرَةِ عليه. وكذلك قال ابنُ عَقِيلٍ فيما لا يُمْلَكُ بالتَّعرِيفِ؛ لأنَّه مِن مُؤْنَةِ إيصالِها إلى مالِكِها، فكان على مالكِها، كمُؤْنَةِ تَجْفِيفِها، وأجْرةِ مَخْزَنِها. ولَنا، أنَّ هذا أجْر واجِبٌ على المُعَرِّفِ، [فكان عليه، كما لو قَصَد تمَلُّكَها](١)، ولأنَّه لو وَلِيَه بنَفْسِه، لم يَكُنْ له أجْر على صاحِبِها، فكذلك إذا اسْتَأَجرَ عليه، ولأنَّه سَبَبٌ لمِلْكِها، فكان على المُلْتَقِطِ، كما لو قَصَد تَمَلُّكَها. وقال مالك: إن أعطَى منها شيئًا لمَن عَرَّفَها، فلا غرمَ عليه، كما لو دَفَع منها شيئًا لمَن حَفِظَها. وقد ذَكَرنَا الدَّلِيلَ على ذلك.
فصل: إذا أخَّرَ التَّعرِيفَ عن الحَوْلِ الأوَّلِ مع إمكانِه، أثِمَ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَر به فيه، والأمرُ يَقْتضِي الوُجوبَ. وقال في حَدِيثِ عِياضِ بنِ