للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هو عَقْدٌ واحِدٌ أو أكْثَرُ؟ أُنْشُوطَةٌ (١) أو غيرُها؟ ويَعْرِفَ صِمامَ القارُورَةِ الذي يَدْخُلُ رَأْسَها، وعِفاصَها الذي تَلْبَسُه. ويُسْتَحَبُّ أن يُشْهِدْ عليها حينَ يَجِدُها. قال أحمدُ: لا أُحِبُّ أن يَمَسَّها حتى يُشْهِدَ عليها. فظاهِرُ هذا أنَّه مُسْتَحَبٌّ غيرُ وأُجِبٍ، وأنَّه لا ضَمانَ عليه إذا لم يُشْهِدْ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَضْمَنُها إذا لم يُشْهِدْ عليها؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ، أو ذَوَيْ عَدْل» (٢). وهذا أمْرٌ يَقْتَضِي الوُجُوبَ، ولأنَّه إذا لم يُشْهِدْ، كان الظّاهِرُ أنَّه أخَذَها لنَفْسِه. ولنَا، خَبَرُ زَيدِ بنِ خالدٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، فإنَّه أمَرَهُما بالتَّعْرِيفِ دُونَ الإشْهادِ، ولو كان واجِبًا لبَيَّنَه، فإنَّه لا يجوزُ تَأخِيرُ البيانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ، سِيَّما وقد سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن حُكْمِ اللُّقَطَةِ، فلم يَكُنْ ليُخِلَّ بذِكْرِ الواجبِ فيها، فيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الأمْرِ في حَدِيثِ عِياضٍ على الاسْتِحْبابِ. ولأنَّه أَخْذُ أمانَةٍ، فلم يَفْتَقِرْ إلى الإِشْهادِ، كالوَدِيعَةِ. والمَعْنَى الذي ذَكَرُوه غيرُ صَحِيحٍ. فإنَّه إذا حَفِظَها وعَرَّفَها لم يَأْخُذْها لنَفْسِه، وفائِدَةُ الإِشْهادِ صِيانَةُ نَفْسِه مِن الطَّمَعِ فتيها، وحِفْظُها مِن وَرَثَتِه إن مات، ومن غُرَمائِه إن أفْلَسَ، وإذا أشْهَدَ عليها، لم يَذْكُرْ


(١) الأنشوطة: عقدة يسهل انحلالها.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣٥.