فصل: وإن الْتَقَطَ مُسْلِمٌ وكافِرٌ طِفْلًا مَحْكُومًا بكُفْرِه، فالمُسْلِمُ أحَقُّ. وقال أصحابُنا، وأصحابُ الشافعيِّ: هما سَواءٌ؛ لأنَّ للكافِرِ ولإيَةً على الكافِرِ، ويُقَرُّ في يَدِه إذا انْفَرَدَ بالْتِقاطِه، فساوَى المُسْلِمَ في ذلك. ولَنا، أنَّ دَفْعَه إلى المُسْلِمِ أحَظُّ له؛ لأنَّه يَصِيرُ مُسْلِمًا، فيَسْعَدُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، ويَنْجُو مِن النّارِ، ويَتَخَلَّصُ مِن الجِزْيَةِ والصَّغارِ، فالتَّرْجِيحُ بهذا أوْلَى مِن التَّرْجِيحِ باليسارِ الذي إنَّما يَتَعَلَّقُ به توْسِعَة عليه في الإنْفاقِ، وقد يكونُ المُوسِرُ بَخِيلًا، فلا تَحْصُلُ التَّوْسِعَةُ، فإن تعارَضَ التَّرْجِيحان، فكان المُسْلِمُ فقيرًا والكافِرُ مُوسِرًا، فالمُسْلِمُ أوْلَى؛ لأنَّ النَّفْعَ الحاصِلَ له بإسْلامِه أعْظَمُ مِن النَّفْعِ الحاصِلِ له بيَسارِه مع كُفْرِه. وعندَهم، يُقَدَّمُ الكافِرُ. وعلى قِياسِ قَوْلِهم في تَقْدِيم المُوسِرِ، يَنْبَغي أن يُقَدَّمَ الجَوَادُ على البَخِيلِ؛ لأنَّ حَظَّ الطِّفْلِ عندَه أكْثَرُ مِن الجِهَةِ التي يَحْصُلُ له الحَظُّ فيها باليَسارِ.