اللَّقِيطِ جِنايَةٌ فيما دُونَ النَّفْسِ. تُوجِبُ المال، قبلَ بُلُوغِه، فلِوَلِيِّه أخْذُ الأَرْشِ. وإن كانت مُوجِبَةً للقِصاصِ وله مالٌ يَكْفِيه، وَقَفَ الأمْرُ على بُلُوغِه ليَقْتَصَّ أو يَعْفُوَ، سواءٌ كان عاقِلًا أو مَعْتُوهًا. وكذلك إن لم يَكُنْ له مالٌ وكان عاقِلًا. وإن كان مَعْتُوهًا، فللإمام العَفْوُ على مالٍ يُنْفَقُ عليه؛ لأنَّ المَعْتُوهَ ليست له حالٌ مَعْلُومَةٌ تُنْتَظرُ؛ لأنَّ ذلك قد يَدُومُ به، بخِلافِ العاقِلِ، فإنَّ له حالةً تُنْتَظَرُ. ويُحْبَسُ الجانِي في الحالِ التي يُنْتَظَرُ بُلُوغُه حتى يَبْلُغَ ويَسْتَوْفِيَ لِنَفْسِه. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ للإمامِ اسْتِيفاءَ القِصاصِ له قبلَ بُلُوغِه. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه أحَدُ نَوْعَي القِصاصِ، فكان للإمامِ اسْتِيفاؤُه عن اللَّقِيطِ؛ كالنَّفْسِ. ولَنا، أنَّه قِصاصٌ لم يَتَحَتَّمِ اسْتِيفاؤُه، فوَقَفَ على مَن هو له، كما لو كان بالِغًا غائِبًا. وفارَقَ القِصَاصَ في النَّفْسِ؛ لأنَّ القِصاصَ ليس هو له، بل هو لِوارِثِه، والإمامُ المُتَوَلِّي له.
= من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٥. والدارمي، في: باب النهي عن النكاح بغير ولي، من كتاب النكاح. سنن الدارمي ٢/ ١٣٧. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٥٠، ٦/ ٤٧، ٦٦، ١٦٦.