للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَدُّ؛ لإِقْرارِ المُسْتَحِقِّ بسُقُوطِه. وإنِ ادَّعى أنَّه عَبْدٌ فصَدَّقَه، وَجَب على القاذِفِ التَّعْزِيرُ؛ لقَذْفِه مَنْ ليس بمُحْصَنٍ. وإن كَذَّبَه اللَّقِيطُ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّه مَحْكُوم بحُرِّيَّتِه، فقَوْلُه مُوافِقٌ للظّاهِر، ولذلك أوْجَبْنا عليه حَدَّ الحُرِّ إذا كان قاذِفًا. وإنِ ادَّعَى الجانِي رِقَّهُ وكَذَّبَه اللَّقِيطُ وادَّعَى الحُرِّيَّةَ، أوْجَبْنا له القِصاصَ وإن كان الجانِي حُرًّا؛ لِما ذَكَرْنا. قال شيخُنا (١): ويَحْتَمِلُ أن يكونَ القولُ قولَ القاذِفِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ صِحَّة قَوْلِه، بأن يكونَ ابنَ أمَةٍ، فيكونَ ذلك شُبْهَةً، والحَدُّ يَنْدَريء بالشُّبُهاتِ. وفارَقَ القِصاصَ له إذا ادَّعَى الجانِي عليه أنَّه عَبْدٌ لأنَّ القِصَاصَ ليس بحَدٍّ، وإنَّما وَجَب حَقًّا لآدَمِيٍّ، ولذلك جازَتِ المُصالحَةُ عنه وأخْذُ بَدَلِه، بخِلافِ حَدِّ القَذْفِ. وإن قُلْنا: إنَّ القَذْفَ حَقُّ لآدَمِيٍّ. فهو كالقِصَاصِ. ويُخَرَّجُ مِن هذا أنَّ اللَّقِيطَ إذا كانْ قاذِفًا، فادَّعَى أنَّه عَبْدٌ ليَجِبَ عليه حَدُّ العَبْدِ، قُبِلَ منه؛ لذلك. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ مَن كان مَحْكُومًا بحُرِّيَّتِه، لا يَسْقُطُ الحَدُّ عن قاذِفِه باحْتِمالِ رِقِّه، بدَلِيل مَجْهُولِ النَّسَبِ، ولو سَقَط لهذا الاحْتِمالِ، لسَقَطَ وإن لم يَدَّعِ القاذِف رِقَّه؛ لأنَّه مَوْجُودٌ وإن لم يَدَّعِه.


(١) في: المغني ٨/ ٣٥٤.