اعْتَرَفَ بالحُرِّيَّةِ، وهي حَقٌّ للهِ تعالى، فلا يُقْبَلُ رُجُوعُه في إبْطالِها. وإن لم يَكُنِ اعْتَرَفَ بالحُرِّيَّةِ، احْتَمَلَ وَجْهَين؛ أحَدُهما، يُقْبَلُ. وهو. قولُ أصحابِ الرَّأْي؛ لأنَّه مَجْهُولُ الحالِ، أقَرَّ بالرِّقِّ، فَقُبِلَ، كما لو قَدِمَ رَجُلانِ مِن دِارِ الحَرْبِ، فأقَرَّ أحَدُهما للآخَرِ بالرِّقِّ، وكإقْرارِه بالحَدِّ والقِصاصِ في نفْسِه، فإنَّه يُقْبَلُ وإن تَضَمَّنَ فَواتَ نَفسِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْبَلَ. قال شَيخُنا (١): وهو الصَّحِيحُ؛ لأنَّه يَبْطُلُ به حَقُّ اللهِ تعالى في الحُرِّيَّةِ المَحْكُومِ بها، فلمِ يَصِحَّ، كما لو أقَرَّ بالحُرِّيَّةِ قبل ذلك، ولأنَّ الطِّفْلَ المَنْبُوذَ لا يَعْلَمُ رِقَّ نفْسِه ولا حُرِّيَّتَها، ولم يَتَجَدَّدْ له حالٌ يَعْرِفُ به رِقَّ نَفْسِه؛ لأنَّه في تلك الحالِ مِمَّن لا يَعْقِلُ، ولم يَتَجَدَّدْ له رِقٌّ بعدَ الْتقاطِه، فكان إقْرارُه باطِلًا. وهذا قولُ ابنِ القاسِمِ، وابنِ المُنْذِرِ. وللشافعيِّ