بزِنًى أو شُبْهَةٍ، وفي ذلك ضَرَرٌ عليه، فلا يُقْبَلُ قَوْلُها فيما يُلْحِقُ الضَّرَرَ به. وإن لم يَكُنْ لها زَوْجٌ، قُبِلَتْ دَعْواها؛ لعَدَمِ الضَّرَرِ. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ أيضًا. ورُوِيَ عن أحمدَ رِوايةٌ ثالِثَةٌ، نَقَلَها الكَوْسَجُ عن أحمدَ، في امْرَأةٍ ادَّعَتْ وَلَدًا: إن كان لها إخْوةٌ أو نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فلا تُصَدَّق إلَّا بِبَيِّنةٍ، وإن لم يَكُنْ لها دافِعٌ، لم يُحَلْ بينَها وبَينَه؛ لأنَّه إذا كان لها أهْلٌ ونَسَبٌ مَعْرُوفٌ، لم تَخْفَ ولادَتُها عليهم، ويَتَضرَّرُون بإلْحاقِ النَّسَبِ بها؛ لِما فيه مِن تَعْيِيرِهم بولادَتِها مِن غيرِ زَوْجِها، وليس كذلك إذا لم يَكُنْ لها أهْلٌ. قال شَيخُنا (١): ويَحْتَمِلُ أن لا يَثْبُتَ النَّسَبُ بدَعْوَاها بحالٍ. وهذا قولُ الثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصحاب الرَّأْي. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ على أنَّ النَّسَبَ لا يَثْبُتُ بدَعْوَى المَرْأةِ؛ لأنَّها يُمْكِنُها إقامةُ البَيِّنَةِ على الولادَةِ، فلا يُقْبَلُ قَوْلُها بمُجَرَّدِه، كما لو عَلَّقَ زَوْجُها طَلَاقَهَا بولادَتِها. ولَنا، أنَّها أحَدُ الوالِدَين، أشْبَهَتِ الأبَ، وإمْكانُ البَيِّنَةِ لا يَمْنَعُ قَبُولَ القَوْلِ، كالرَّجُلِ، فإنَّه يُمْكِنُه إقامَةُ البَيِّنَةِ أنَّ هذا وُلِدَ على فِراشِه. وإن كان المُدَّعِي أمَةً فهي كالحُرَّةِ، إلَّا أنّا إذا قَبِلْنا دَعْواهَا في نَسَبِه، لم نَقْبَلْ قَوْلَها في رِقِّه؛ لأنَّنا لا نَقْبَلُ الدَّعْوَى فيما يَضُرُّه، كما لم نَقْبَلِ الدَّعْوَى في كُفْرِه إذا ادَّعَى نَسَبَه كافِرٌ.