فصل: ولو وَلَدَتْ امْرأتانِ ابْنًا وبِنْتًا، فادَّعَتْ كل واحِدَةٍ منهما أنَّ الابنَ وَلَدُها، احْتَمَلَ وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، أن تَرَى المَرأتين القافَة مع الوَلَدَين، فيُلْحَقُ كل منهما بمَنْ ألْحَقَتْه به، كما لو لم يَكُنْ لهما وَلَدٌ آخَرُ. والثاني، يُعْرَضُ لَبَنُهُما على أهْلِ الطِّبِّ والمَعْرِفَةِ، فإنَّ لَبَنَ الذَّكَرِ يُخالِفُ لَبَنَ الأنْثَى في طَبْعِه وزِنَتِه، وقد قيلَ: لَبَنُ الابنِ ثَقِيل، ولَبَنُ البِنْتِ خَفِيف. فيُعْتَبران بطباعِهما ووَزْنِهِما؛ وما يَخْتَلِفانِ به عندَ أهْلِ المَعْرِفةِ، فمن كان لَبَنُها لَبَنَ الابن فهو وَلَدُها، والبِنْتُ للأخْرى. فإن لم يُوجَدْ قافَةٌ اعْتُبِرَ باللَّبَنِ خاصَّة. فأمّا إن تَنازَعا أحَدَ الولدين، وهما ذَكَرَانِ أو ابْنَتان، عُرِضُوا على القافَةِ. كما ذَكَرْنا فيما تَقَدَّمَ.
فصل: فإنِ ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلانِ، فقال أحَدُهما: هو ابْنِي. وقال الآخَرُ: هو ابْنَتِي. فإن كان ابْنًا فهو لمُدَّعِيه، وإن كان بِنْتًا فهي لمدَّعِيها؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لا يَسْتَحِقُّ غيرَ ما ادِّعاهُ. فإن كان خُنْثَى مُشْكِلًا، أُرِيَ القافَةَ؛ لأنَّه ليس قولُ كلِّ واحدٍ منهما أوْلَى مِن الآخرِ. فإن أقامَ كل واحدٍ منهما بَيِّنةً بما ادَّعاهُ، فالحُكْمُ فيهما كالحُكْم فيما لو انْفَرَدَ كل واحدٍ منهما بالدَّعْوَى؛ لأنَّ بَيِّنةَ الكاذِبِ منهما كاذِبَة فوُجُودُها كَعَدَمِها، والأُخْرَى صادِقَةٌ، فيَتَعَيَّنُ الحُكْمُ بها.