للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَن مَن ادَّعَى إلى غيرِ أبِيه (١). وهذا لا (٢) يَعْلَمُ أنه أبوه، فلا نَأمَنُ أن يكونَ مَلْعُونًا بتَصْدِيقِه. ويُفارِقُ ما إذا انْفَرَدَ؛ فإنَّ المنْفَرِدَ يَثْبُتُ النَّسَبُ بقَوْلِه مِن غيرِ تَصْدِيقٍ، وقولُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه: وَالِ أيَّهما شِئْتَ. لم يَثْبُتْ، ولو ثَبَتَ لم يَكُنْ فيه حُجَّةٌ؛ لأنَّه إنَّما أمَرَه بالمُوالاةِ لا بالانْتِسابِ. وعلى قولِ مَن جَعَل له الانْتِسابَ إلى أحَدِهما، إذا انْتَسَبَ إلى أحَدِهما، ثم عاد فانْتَسَبَ إلى الآخَرِ، أو نَفَى نَسَبَه مِن الأوَّلِ ولم يَنْتَسِبْ إلى أحَدٍ، لم يُقْبَلْ منه؛ لأنَّه قد ثَبَت نَسَبُه فلا يُقْبَلُ رُجُوعُه عنه، كما لو ادَّعَى مُنْفَرِدٌ نَسَبَه ثم أنْكَرَه. ويُفارِقُ الصَّبِيَّ الذي يُخَيَّرُ بين أبوَيه فيَخْتارُ أحَدَهُما ثم يَرُدُّ إلى الآخَرِ، إذا اخْتارَه، فإنَّه لا حُكْمَ لقولِ الصَّبِيِّ، وإنَّما تَبعَ اخْتيارَه وشَهْوَتَه، فهو كما لو اشْتَهَى طَعامًا في يومٍ وغَيرَه في يومٍ آخَرَ. فأمَّا إن قامَتْ للآخَرِ بَينةٌ بِنَسَبِه، عُمِلَ بها؛ لأنَّها تُبْطِلُ قولَ القافَةِ الذي هو مُقَدَّمٌ على الانْتِسابِ، فأوْلَى أن تُبْطِلَ الانْتِسابَ. وإن وُجدَتْ قافَةٌ بعد انْتِسابِه، فألْحَقَتْه بغير مَن انْتَسَبَ إليه، بَطَل انْتِسابُه؛ لأنَّه أقْوَى، فبَطَلَ به الانْتِسابُ كالبَيِّنةِ مع القافَةِ.


(١) أخرجه ابن ماجه، في: باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٠. والإمام أحمد، في المسند ١/ ٣٠٩، ٣١٧، ٤/ ١٨٦.
(٢) سقط من: م.