وقد نَقَل عبدُ اللهِ، وصالِحٌ، عن أبِيهما رِوايةً أُخْرَى، أنَّه يُصْرَفُ إلى قَرابَةِ أُمِّه، إن كان يَصِلُهم في حَياتِه؛ كإخْوَتِه مِن أُمِّه، وأخْوالِه، وخَالاتِه، وإن كان لا يَصِلُهم في حَياتِه، لم يُعْطَوْا شيئًا؛ لأنَّ صِلَتَه إيّاهم في حَياتِه قَرِينة دالَّة على إرادَتِهم بصِلَتِه هذه. وعنه رِواية ثالثةٌ، أنَّه يُجاوزُ بها أرْبعةَ آباءٍ. ذَكَرَها ابنُ أبي موسى في «الإِرْشادِ»، وهي تَدُلُّ على أنَّ لَفْظَه لا يَتَقَيَّدُ بالقَيدِ الَّذي ذكَرْناه. فعلى هذا، يُعْطَي كلُّ مَن يُعْرَفُ بقَرَابَتِه مِن قِبَلِ أبيه وأُمِّهِ، الذين يَنْتَسِبُون إلى الأبِ الأدْنى. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّهم قَرابَة، فيَتَناوَلُهم الاسْمُ، ويَدْخُلُون في عُمُومِه. وإعطاءُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعضَ قَرابَتِه تَخْصِيصًا لا يَمْنَع مِن العَمَلِ بالعُمُومِ في غيرِ هذا الموضِعِ. وقال أبو حنيفةَ: قَرابَتُه كلّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَم، فيُعْطَى مِن أدْناهم اثْنان فصاعِدًا، فإذا كان له عَمٌّ وخالان، أُعْطِي عَمُّه النِّصْفَ وخالاه النِّصْفَ. هكذا رُوِيَ عنه فيما إذا أوْصَى لقَرابَتِه.